*توفيق عابد-عمان
شارك أكثر من مائتي مثقف في الاعتصام الذي نظمته رابطة الكتاب الأردنيين ورابطة التشكيليين الأردنيين أمام وزارة الثقافة الأردنية الاثنين للتنديد بحالة التهميش والتطاول الحكومي على الثقافة والمثقفين وتجميد نظام التفرغ الإبداعي.
وخلال الاعتصام قدم الكتّاب والتشكيليون قائمة تضم 17 مطلبا كحق التعبير ونشر ثقافة التنوير وشراكة في صنع السياسات الثقافية والبرامج والإصدارات وتفعيل الاتفاقيات الثقافية والشراكة فيها وإقامة متحف للفن الأردني المعاصر.
وطالبوا بإعادة صندوق الثقافة وتوفير تأمين صحي وتخصيص قطعة أرض ومقر دائم ومقرات وقاعات بالمراكز الثقافية بالمحافظات وتكريس التفرغ الإبداعي وتطويره ومنح جامعية لأبناء المثقفين وتوفير فرص عمل للكتاب والتشكيليين العاطلين عن العمل وإعادة الحياة الثقافية لأمانة عمان الكبرى وبرامج تلفزيونية بإشراف المثقفين وإحياء الشراكة التلفزيونية والإذاعية.
لا حوار
وهدد المعتصمون بمواصلة الاحتجاجات أمام أمانة عمان الكبرى والصحف اليومية لوقفها مكافآت الكتّاب كبداية لحراك ثقافي مفتوح حتى تلبى جميع المطالب. ورفضوا أي حوار مع وزيرة الثقافة لانا مامكنغ قبل وقف قرارها بتجميد نظام التفرغ الإبداعي حتى عام 2015.
وفي حوار مع المعتصمين طلبت مامكغ مساعدتها في النهوض بالثقافة والمحافظة على المكتسبات، وقالت نجلس معا ونتحاور، نحن مع التطوير ضمن الإمكانيات المتاحة وبناء ثقافي واعد ينتصر لأحفادنا وأبنائنا، نمر بمرحلة غاية في الصعوبة والحرج.
وردا على مطالبة المثقفين بإلغاء قرار تجميد نظام التفرغ الإبداعي كشرط للحوار قالت الوزيرة إنها لمست نفعية. وأضافت أن ملف التفرغ الإبداعي سيكون بين أيديكم لدراسته وتقديم توصيات بهذا الشأن ليكون نظيفا ورشيقا، لكن المعتصمين أجابوا بأنه لا حوار ولا دراسة قبل إلغاء القرار, رغم وعدها بمراجعة التجميد بعد اكتمال دراسة المثقفين.
لست مسؤولة
وقالت الوزيرة “نحن ندفع ثمن تراكمات في السياسات الحكومية التي اعتبرت وزارة الثقافة على هامش الحمولة” مشيرة إلى أنها لا تحمل وزر من سبقها وعجزا ماليا مقداره 410 آلاف دينار، واستدركت القول إنها بصدد إحياء صندوق الثقافة، لكنها بحاجة لوقت.
وفي حديث خاص للجزيرة نت قال الناطق باسم الحكومة الأردنية السابق راكان المجالي هناك عدم اهتمام ولا مبالاة بدور الإعلام والثقافة ولعل تجميد نظام التفرغ الإبداعي تعبير عن نهج يدفع الأمور نحو الأسوأ في ظل ما أسماه نهجا مزاجيا لشخص رئيس الحكومة في تصعيد العداء ضد المكونات الشعبية.
وحمّل المجالي رئيس الوزراء عبد الله النسور مسؤولية ما أطلق عليه “زلزلة عمود البيت” وقال إنه “يمثل حالة نرجسية” يعتقد أنه يوفر آلاف الدنانير وهذا لا يتفق أبدا مع الفساد المتمادي والهدر الذي أدى لزيادة المديونية.
الثقافة مهمشة
إما عضو رابطة الكتاب الأردنيين حاليا الدكتور أحمد ماضي فأبلغ الجزيرة نت قوله إن الثقافة مهمشة أشبه بديكور قبيح، وطالب بأن تكون وزارة الثقافة وزارة سيادية وليست ملحقا يتم التطاول عليها في أية لحظة. واستغرب إن تبدأ وزيرة الثقافة مهامها بتجميد نظام التفرغ الإبداعي الذي يعد أهم منجز للمبدع والمثقف، وقال إن الاعتصام أول الطريق.
بدوره رأى الروائي جمال ناجي انه ما إن تنشب أزمة سياسية أو اقتصادية إلا وتكون الثقافة أول ضحاياها. ومشكلتنا لا تتلخص بتجميد نظام التفرغ فهناك حاجة لإعادة صياغة السياسات الثقافية وصندوق دعم الثقافة الذي ألغاه مجلس النواب وطالب بحزمة متكاملة من الإصلاحات الثقافية التي تنعكس على الجسم الثقافي.
استقالة الوزيرة
من جهته تمنى الشاعر إسلام سمحان أن يكون هذا الاحتجاج ليس لإسقاط وزيرة الثقافة بل لإسقاط الحكومة بكاملها التي هي حسب رأيه “حكومة تجويع الشعب وكتم الحريات واعتقال شباب الوطن ورفع الأسعار”. وقال للجزيرة نت إن تحرك المثقفين جاء متأخرا وعلى النظام أن يصغي لصوت المثقفين لأنهم ضمير الأمة.
وكان رئيس رابطة الفنانين التشكيليين غازي انعيم قرأ بيان “الثقافة في خطر” قال فيه إن التحديات الراهنة وما تواجهه الأمة من أخطار تطال عقلها ووجدانها الجمعي تجعل من الثقافة جبهة مهمة في الدفاع عن الهوية والذاكرة والبعد الحضاري والإنساني.
أما رئيس رابطة الكتّاب الدكتور موفق محادين فقال “سنظل نقرع جدران الخزان إلى أن يفل الحديد بين أصابع الحبر والكلمات والقصائد والألوان” وقال “منذ اليوم لا مثقفين ولا فنانين تحت الشمس، ولا تحت رحمة العشب الفاسد والطحالب اليانعة، نريد حصتنا من لحم القدور وبما يليق بالنمور”.
__________
*(الجزيرة.نت)