الفجيرة للثقافة والإعلام تصدر كتاب ” قبور ما قبل التاريخ في منطقة البثنة”


ناهد عبدالله *

( ثقافات )



صدرت مؤخرا الطبعة العربية الأولى من الكتاب المترجم ” قبور ما قبل التاريخ في البثنة ” من منشورات “هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام”، وهي للمؤلف بيير كوربود، وقد ترجمه من الفرنسية إلى العربية بدر الدين محمود، وجاءت طباعته بتوجيهات من سمو الشيخ راشد بن حمد الشرقي رئيس هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام بهدف دعم البحوث والدراسات الأثرية بالمنطقة، وحفاظا على تراثها وتعريف الأجيال بماضيهم وتراثهم
ويكشف الكتاب عن الحفريات المتعلقة بالحجارة والمدافن ومختلف الآثار القديمة التي تم اكتشافها بمنطقة البثنة، حيث أجريت الدراسة بدعم من حكومة الفجيرة، وبهذه المناسبة قال سمو الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة في مقدمته لهذا الجهد:
” إن الكتاب يكشف عن مرور حضارات بشرية عديدة على أرض الإمارة أو الاستيطان فيها، كونها تمتاز بموقع استراتيجي خاص ينفتح على البحر من جهة، أي التواصل مع العالم بكل أبعاده…، ولقد كانت الفجيرة قبل استقرار التاريخ السياسي الحديث لها كما يظهر لنا جزءا من الحضارة البشرية المتعددة، ابتداء من العصور الحجرية المبكرة وصولا إلى القرون الصناعية الأخيرة، ومن هنا تأتي أهمية هذا الكتاب كونه يعد أول كتاب مترجم إلى اللغة العربية على ما يظهر لنا يخصص لتاريخ الحفريات بالفجيرة، ولا يخفى على أحد أهمية التوثيق وقدرته على تحقيق الفائدة للطلبة والباحثين والمهتمين بمعرفة تاريخ المنطقة”.
وأكد سموه على أن الإصدار خطوة تحسب لـ “هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام” في سعيها المتواصل للتعريف بحضارة إمارة الفجيرة وماضيها”.
ومهد هانس آدم حاكم إمارة لينختنشتاين رئيس مؤسسة سويسرا – لينخنشتاين للأبحاث والآثار بالخارج للكتاب بقوله “إن مؤسسته قامت بدفع عجلة التعاون المتبادل في مجال دراسة الآثار بالخارج بتقديم العديد من الدراسات التمهيدية، لذلك ستقوم المؤسسة بالشروع في طباعة سلسلة من المجلدات تحت عنوان (TERRA ARCHOLOGICA) بالتعاون مع دار نشر فيليب فون زابرين”.
وعبر آدم عن سعادته بالدعوة التي تلقاها من صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي حاكم الفجيرة في خريف 1986 لزيارة الإمارة برفقة كل من بروفيسور هانس جورج باندي وبروفيسور مايكل اغلوف، حيث أثمرت الزيارة عن توقيع اتفاقية شراكة وتعاون في مجال البحوث والدراسات والآثار خلال الزيارة التي قام بها سمو الشيخ صالح بن محمد الشرقي إلى إمارة لينخنشتاين”، حيث وقع سموه الاتفاقية مع الأمير هانس آدم.
وأكد آدم أن بيير كوربورد الذي تم تعيينه مديرا لمشروع الأبحاث تمكن بفضل دعم السلطات بالفجيرة من التعرف على 80 موقعا إلى جانب اكتشاف حفريات المدافن التابعة للألفية الأولى قبل الميلاد، وتم إثر ذلك إنشاء متحف مؤقت بالفجيرة يتم حاليا عمل دراسات لتطويره وتوسيعه”.
وتطورت العلاقات بين المؤسسة وحكومة الفجيرة خاصة بعد الزيارة التي قام بها السيد باندي الأمين العام للمؤسسة وعدد من أعضائها إلى الإمارة.
وقال آدم “إن المجلد يعتبر الأول في سلسلة أبحاث (تيرا اركولوجيكا) الخاصة ببحوث مؤسسة سويسرا لينختنشتاين وأن بحوثا أخرى سترى النور قريبا، وصرح بوجود عمل آخر في مرحلة الإعداد لتقديم نتائج المسوحات الأثرية بكافة مناطق الفجيرة.
ويحتوي الكتاب على 10 فصول دارت محاورها حول الإطار العام للدراسة والقبور والخزف والحجارة والأدوات المعدنية والحلي وأدوات الزينة والانتماء النوعي والزمني للقبر وملخص حول الدراسة.
ومما جاء بالكتاب أن البثنة تقع في وادي حام وتحديدا في المنطقة التي يتوسع فيها الوادي على سهل صغير تحفه الجبال والمرتفعات، وينحدر الوادي بشكل منتظم من مسافي وحتى مدينة الفجيرة الحالية، وتشتهر منطقة البثنة بقلعتها المبنية على كتلة صخرية تسيطر على مجرى الوادي في انحداره الغربي، وتمتد قرية البثنة الحالية قليلا شمال القرية القديمة وعلى الجهة الغربية من مجرى الوادي..، وتتكون الجبال المحيطة بها من صخور متحولة (جابرو وجرنايت) مع صخور الافيوليت في شكل قطع مكسرة، لا يتعدى ارتفاعها 900 متر.
وتمتد قرية البثنة التي تشملها الدراسة بين المنحنيات بمستوى 170 إلى 190 مترا.
وكان الدافع من اختيار منطقة البثنة كنقطة بداية لأعمال البحث والتنقيب بسبب الوضع الجغرافي لسهل البثنة الذي جعل منها معبرا إجباريا للناس والبضائع بين شطري شبه الجزيرة العربية ووجود المياه المجمعة أسفل الوادي ما جعل منها منطقة صالحة للأنشطة الزراعية وبالتالي منطقة جاذبة لإنسان ما قبل التاريخ، والسبب الآخير كان المصادفة المحضة للاكتشافات الأولى التي أقنعتنا مباشرة بثراء المنطقة بالمستوطنات ومدافن ما قبل التاريخ. 
ووصف الكتاب القبور بشكل مفصل ودقيق من حيث الشكل والعمق والممرات والموجودات الأثرية بالقبور والمدافن والآثار العالقة بها مثل شظايا العظام البشرية ونسبها إلى فترتها الزمنية، حيث يعود بعضها إلى العصر الحجري، كما قدم فرضيات حول طريقة بناء القبر وتغطية المعالم الأثرية.
وعرض لأنواع الخزف مثل الخزف الناعم والخزف الخشن بتفرعاته وشرح خصائص كل نوع وفترته الزمنية، ووصف المواد المصنعة من الحجر الرخو وتمكن فريق البحث من جمع 432 حجرا رخوا بوزن يبلغ في مجمله 26.5 كيلوجراما .
وحمل الكتاب في طياته الكثير من الآثار التي تحكي عن تاريخ المنطقة والتي تشير في مجملها إلى طبيعة الحياة البشرية التي كانت موجودة آن ذاك من خلال الخزف والحلي والزينة والمزهريات والصدف والعظام البشرية والمدافن والقبور والحجارة، وفصل الباحثون القطع التي تم اكتشافها حسب الشكل والخصائص والعمق والسمك والتصنيف الرقمي، وأرفقها بالصور التوضيحية.

شاهد أيضاً

بدء البث التجريبي لأول تلفزيون ذكاء إصطناعي في العالم العربي

(ثقافات) بدء البث التجريبي لأول تلفزيون ذكاء إصطناعي في العالم العربي جميع المذيعين والمذيعات والبرامج …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *