جيران


*محمود شقير

( ثقافات )

اسمها سوزان.
نحيلة شقراء، جاءت من مرسيليا واستأجرت غرفة في البلدة القديمة. للغرفة حمّام مشترك مع الجيران. سوزان تستخدم الحمّام مرّة في الصباح وأخرى قبل منتصف الليل بقليل.
لغرفة سوزان شبّاك يطلّ على بيت يسيطر عليه خمسة مستوطنين، يظهرون في شرفته كلّ صباح، وعلى مسافةٍ ما تظهر قبّة الصخرة صفراء شاحبة. سوزان أحبّت هذه المدينة منذ لحظة وصولها إليها قبل عام.
سوزان اشترت خزانة صغيرة، وضعتها لصق الحائط الذي يفصل غرفتها عن غرفة الجيران. إنّه حائط غير سميك تمّ استحداثه للحصول على غرفة ما. سوزان تحبّ غرفتها رغم ضيق المكان، تفتح المذياع على الموسيقى في ساعات المساء. ليس لدى سوزان جهاز تلفاز، فهي لا تحبّ التلفاز، تقول إنّه يشقي روحها. 
سوزان تشعر بالحرج حينما تقتحم غرفتها أصوات الجيران. اشترت خزانة لعلّها تحجب الأصوات التي تأتيها من خلف الحائط، غير أنّ ذلك لم ينفع إلا قليلاً. وهي في بعض الليالي تسمع الجارة تناغي زوجها، بكلام يعلو حيناً ويخفت في بعض الأحيان. الجارة هذا الصباح، على غير عادتها، قذفت كأس الشاي التي في يدها نحو الحائط، ثم وجّهت لزوجها، سيلاً من الشتائم، لأنّه لم يوافق على ذهابها في رحلة مع الجارات، إلى أريحا والأغوار، ومن هناك إلى بحيرة طبريّا وبيسان.
_______
* قاص من فلسطين

شاهد أيضاً

يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت

(ثقافات) يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت حسن حصاري منْ يمُدُّ لي صوْتا غيرَ صوْتي الغائِب؟ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *