خليل قنديل *
صديقي الستيني الذي يعاني من حزمة امراض مثل السكري والضغط والشريان التاجي وكل الامراض التي تليق بمرتبته العمرية، وقد ظل يحدثني بشكل عائم عن حبيبته وعن تقلباته وتقلباتها الغرامية، واعترف انه اعادني بسردياته الغرامية الى اول العمر والى تلك المكابدة التي كنت اعاني منها حينما كان الاصدقاء يحدثوني عن غرامياتهم!!
والحال فان صديقي الذي كان يسرد في كل يوم ما يقارب الثلاثة انواع من الحواث في حبه وعشقه الى الدرجة التي جعلتني أسأله ولكن كيف تتسع كل هذه الحوادث ليوم واحد؟ ثم ماهي نوعية الجغرافيا التي تقيم بها حبيبتك؟ فقال اني لم ارها بعد بشكل فيزيائي، ذلك انها وبحسب ما يتشدق به المثقفين تقيم في العالم الافتراضي. انها من صديقات الفيس بوك!!
وكان عليّ بعد ذلك ان اذهب الى الفيس بوك لأكتشف اني عبرت برزخاً أقل ما يقال عنه انه مساحة مُلغمة بالفعل. فأنت هنا يمكن لك ان تخلع عنك جلدك الفيزيائي وتبدأ ما دمت غير مرئياً أو ملموساً في التنظير في اي موضوع تريد، وان تعبر عن فلسفتك التي تريد وفي اي مجال وستجد العديد من حمقة الافكار وهم يتبعونك وربما ينظرون باجلال لمستواك الفكري النابه هذا!!
والمرأة التي كنت تراها مقززة وليست جديرة في الاهتمام هنا ستراها وهي تخلع قناعها وتريك جانبها الانثوي الخفي وستبدأ بالتحدث اليك كأنثى نادرة الحدوث، والغريب انك تلاحظ ان اعدادا من الذكور يتبعون خطاها ويتغزلون بكل ما تقول.
والرجل الذي كنت تعرفه في العالم الواقعي يتحلى بالجلافة والحزم والصرامة ستراه هنا وهو يعاني من فائض الطراوة والليونة بسبب الغراميات المقترحة عليه والتبجيل الانثوي لذكورته!!
وما ان تتغلغل اكثر في عوالم الفيس بوك حتى تكتشف ان بريد القراء في الصحافة والذي كان يتكفل بصناعة الاسماء الابداعية الموهومة قد انتقل بكامل امراضه الى الفيس بوك. ذلك ان تلك الأنثى التي تتلمس طرقها في العالم الكتابي اكتشفت انها تمتلك كنزها اللغوي الخاص والذي من الممكن ان يتوجها كشاعرة، وهي بالطبع لن تفقد الوسيلة في تجييش القراء الذين من الممكن ان يمنحوها لقب شاعرة، والامر يمكن ان يحدث لحظة ان تقيم أمسية تدعو اليها كل اصدقاء الفيس بوك ليتم تتويجها كشاعرة!!
والمفاجأة الاخرى انك ستجد في عوالم الفيس بوك العديد من المصابين بمرض الذات وتجليات عبادة الذات على طريقة “نرسيس”، وانت تراهم يستبدلون “البروفيل” الخاص بهم لما يزيد عن مرتين يوميا وعليك بالمقابل ان تضع لهم علامة اللايك على كل صورة.., والا!!
ان الورم الذي تضخم في العوالم الافتراضية في الفيس بوك اخذ يتجاوز المساحة المحددة له الى الدرجة التي استطاع فيها هذا العالم المفترض ان يزلزل عالمنا اليقيني الذي نقيم فيه. وتلكم هي المآساة!!
*مقالتي المنشورة في الامارات اليوم
khaleilq@yahoo.com
أشقياء “الفيس بوك”
خليل قنديل
صديقي الستيني الذي يعاني من حزمة امراض مثل السكري والضغط والشريان التاجي وكل الامراض التي تليق بمرتبته العمرية، وقد ظل يحدثني بشكل عائم عن حبيبته وعن تقلباته وتقلباتها الغرامية، واعترف انه اعادني بسردياته الغرامية الى اول العمر والى تلك المكابدة التي كنت اعاني منها حينما كان الاصدقاء يحدثوني عن غرامياتهم!!
والحال فان صديقي الذي كان يسرد في كل يوم ما يقارب الثلاثة انواع من الحواث في حبه وعشقه الى الدرجة التي جعلتني أسأله ولكن كيف تتسع كل هذه الحوادث ليوم واحد؟ ثم ماهي نوعية الجغرافيا التي تقيم بها حبيبتك؟ فقال اني لم ارها بعد بشكل فيزيائي، ذلك انها وبحسب ما يتشدق به المثقفين تقيم في العالم الافتراضي. انها من صديقات الفيس بوك!!
وكان عليّ بعد ذلك ان اذهب الى الفيس بوك لأكتشف اني عبرت برزخاً أقل ما يقال عنه انه مساحة مُلغمة بالفعل. فأنت هنا يمكن لك ان تخلع عنك جلدك الفيزيائي وتبدأ ما دمت غير مرئياً أو ملموساً في التنظير في اي موضوع تريد، وان تعبر عن فلسفتك التي تريد وفي اي مجال وستجد العديد من حمقة الافكار وهم يتبعونك وربما ينظرون باجلال لمستواك الفكري النابه هذا!!
والمرأة التي كنت تراها مقززة وليست جديرة في الاهتمام هنا ستراها وهي تخلع قناعها وتريك جانبها الانثوي الخفي وستبدأ بالتحدث اليك كأنثى نادرة الحدوث، والغريب انك تلاحظ ان اعدادا من الذكور يتبعون خطاها ويتغزلون بكل ما تقول.
والرجل الذي كنت تعرفه في العالم الواقعي يتحلى بالجلافة والحزم والصرامة ستراه هنا وهو يعاني من فائض الطراوة والليونة بسبب الغراميات المقترحة عليه والتبجيل الانثوي لذكورته!!
وما ان تتغلغل اكثر في عوالم الفيس بوك حتى تكتشف ان بريد القراء في الصحافة والذي كان يتكفل بصناعة الاسماء الابداعية الموهومة قد انتقل بكامل امراضه الى الفيس بوك. ذلك ان تلك الأنثى التي تتلمس طرقها في العالم الكتابي اكتشفت انها تمتلك كنزها اللغوي الخاص والذي من الممكن ان يتوجها كشاعرة، وهي بالطبع لن تفقد الوسيلة في تجييش القراء الذين من الممكن ان يمنحوها لقب شاعرة، والامر يمكن ان يحدث لحظة ان تقيم أمسية تدعو اليها كل اصدقاء الفيس بوك ليتم تتويجها كشاعرة!!
والمفاجأة الاخرى انك ستجد في عوالم الفيس بوك العديد من المصابين بمرض الذات وتجليات عبادة الذات على طريقة “نرسيس”، وانت تراهم يستبدلون “البروفيل” الخاص بهم لما يزيد عن مرتين يوميا وعليك بالمقابل ان تضع لهم علامة اللايك على كل صورة.., والا!!
ان الورم الذي تضخم في العوالم الافتراضية في الفيس بوك اخذ يتجاوز المساحة المحددة له الى الدرجة التي استطاع فيها هذا العالم المفترض ان يزلزل عالمنا اليقيني الذي نقيم فيه. وتلكم هي المآساة!!
* قاص من الأردن
– الامارات اليوم