( ثقافات )
صدر حديثاً عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر رواية (ربِّ إني وضعتها أنثى ) للكاتبة نردين أبو نبعة حيث تأخذك الكاتبة ومن الصفحة الأولى للرواية بحروفها إلى شاطئ غزة المحاصرة لتحكي للقارئ من هناك وعلى لسان ثلاث أبطال يتناوبون السرد ..حكاية الغربة والأسر في سجون الاحتلال والحب والحياة والموت والميلاد والمقاومة والأنثى التي تورث المقاومة ..ولتنثر وبعفوية حكايا الطفولة المنفية التي عاشت في أرض سبخة مالحة لكنها مع ذلك استطاعت أن تستطيل وتمتد لتصل إلى أرضها !!
تحكي الرواية عن مريم تلك الابنة التي ولدت في المنفى وكانت تلاحق والدها من هنا لهناك لتستخرج منه الحكايا والذكريات وتتعلق بذيل كلماته وكأنها تلاحق وطناً في ثنايا الحروف ,تستمع لحكاياه عن موسم القطاف والأعراس وحكايا المقاومة وأسر عمها في سجون الاحتلال وفجأة يُتاح لها أن تزور غزة المحاصرة لتكتب من هناك ماعلق في ذاكرتها من حكايا أبيها عن الغربة وحكايا عمها عن الأسر وليتفجر المتراكم لسنوات طويلة في لحظة ولتبدأ في توثيق زيارتها ..توثق الحقائق والمشاعر وتؤجج المنسي والمسكوت عنه وتحكي حكايا الحب في غزة وحكايا الحياة والمقاومة والأنفاق …الخ
هذا العمل مزيج يضفر الحقيقي بالمتخيل فالأحداث الواردة في الرواية حقيقية…لكن هناك الكثير من المشاهد المتخيلة ….
هذه الرواية تجيب على الكثير من الأسئلة والاتهامات التي توجه للفلسطيني خاصة فيما يتعلق ببيع الفلسطيني لأرضه وهي التهمة التي لاحقت البطل الأول (عباس) في غربته و أيضاً هي توثيق للمجازر والتهجير وعذابات الفلسطيني في الشتات والأسر, هذه الرواية تحاول أن تشعل فتيل الذاكرة في رأس الجيل الجديد الذي لايعرف الكثير عن القضية والأسرى لأن المعلومات قليلة وما يعطى في المدارس لا يشفي الغليل …
قراءة هذه الرواية يغنيك عن قراءة الكثير من المراجع التاريخية عن القضية وفيها تظهر المرأة المورثة الحقيقية للمقاومة والتي استبدلت قلبها الذي في الجهة اليسرى بخنجر، لم تظهر المرأة في الرواية باكية نائحة …بل كانت صانعة للثورة ومجدلة للمقاومة ومنقذة للرجل …وحبيبة يتنفس المقاوم تمردها ..تمنحه القدرة على التحمل تفتح له بيدها قوس الصمود وتغلقه باليد الأخرى تطير بصحبته لا تحت جناحه لأنها تعرف أن دعم القضية ودعم الأسرى يكون بسياج الحب !!
يذكر أنه صدر للكاتبة مجموعة قصصية بعنوان( بوح ) تدرس كمنهاج مساند للغة العربية في بعض المدارس الخاصة وللكاتبة ما يزيد عن العشرين قصة للأطفال منها قصة بنطالي مبلل الذي طبعت منه وزارة الثقافة خمسة آلاف نسخة لمشروع مكتبة الأسرة الوطنية وللكاتبة أيضا برنامج قصصي يُذاع على إذاعة القرآن الكريم ويذكر أنها فازت بجائزة تقديرية في مسابقة العودة عام 2011عن قصتها سر الدراجة .
تقع الرواية في 246 صفحة من القطع المتوسط .