(ثقافات)
صدر حديثًا للشّاعر والرّوائيّ الأردنيّ أيمن العتوم رواية (ذائقة الموت) عن المؤسّسة العربيّة للدّراسات والنّشر، وهي الرّواية الثّالثة له بعد روايتَي: (يا صاحبي السجن) و (يسمعون حسيسها). وقد جمعت الرّواية عبر مسيرة عقدَين من الزّمان سيرة بطلها (واثق)؛ الشّخصيّة الّتي ظلّتْ حائرة في فهم الموت إلى أن استدعتْه ليصطفيها وتغيب في ثناياه الخفيّة: (نحن وليمةٌ جاهزةٌ للموت، فلماذا نؤخّره؟!).
قامت الرّواية على ثلاثة موضوعات رئيسة هي الحبّ والموت والحرّيّة، وكشفتْ عن أنّ الحبّ هو وجهٌ من وجوه الموت، وبالمُقابل هو مُعادِلٌ موضوعيّ للحريّة، فمن أراد أن يعشق فليهيّئ نفسه للموت، ومن أراد أن يُصبح حرًّا فعليه ألاّ يكترث بالموت كذلك؛ وفي نهاية المطاف: العاشِقون أكثر النّاس تصالحًا مع النّفس وإنْ أدّى بهم العشق إلى الفناء، ومن أجل أن نتحرّر من عبوديّة ذواتنا لنا فإنّنا نلجأ لهذا الموت الجميل، ولا يكون الموت مُحزِنًا لنا إذا مُتنا نحن، ولكنّه سيكون كذلك إذا أصابَ من نُحبّ: (الموت لا يُفاجِئنا باحترام أحبّتنا إلاّ حينَ تكون الطّريق أوحشَ ما تكون، والغاية أبعدَ ما تكون..)
عالجت الرّواية كذلك القرية بكلّ تفاصيلها اليوميّة، وأسلوب حياة أهلها، والشّقاء الّذي يُعانونه في سبيل العيش؛ العيش الّذي يقف له الموت بالمرصاد، ولا ينتقي من أفراد العائلة الممتدّة إلاّ الأيقونة الأجمل والأعذب. وتعرّج الرّواية على حرب الخليج الأولى وما رافقها من ويلات وأحداث، وتأثير ذلك على الشّخصيّة الرّئيسيّة (واثق)، وحينَ يصعب على المرء أن يعيش حياتَين ويموت مرّتين ويتقمّص شخصيّتين؛ كان (واثق) يفعل كلّ ذلك وأكثر.
تبدّى الحبّ الّذي حفلت به الرّواية من النّوع الّذي لا يعيش إلاّ في قلوب الذّاهبين إلى الموت بسببه عن طواعية أو اضطرار: (العشق صاعقة، قد تميت الحيّ إذا كانت قويّة، وقد تُوقِظ الميّت إذا كانت بالقَدْر المعقول… أظنّ أنّ صاعقة عشقي ساحقة!!)
توزّعت الرّواية على (25) فصلاً؛ بدأت بفصل: (في البَدء كانت الرّؤيا)، وانتهتْ بفصل: (كما بدأنا أوّل خَلقٍ نُعيده)، وسرد فيها (العتوم) هموم العشق وفلسفة الموت عبر (408) صفحات من القطع المتوسّط. كما أبدعت الفنّانة الأردنيّة (آزاد علي) في رسم لوحة الغلاف بلمسةٍ متألّقة أضافت رونقًا آخر إلى الرّواية.