(ثقافات)
صدرت حديثاً عن دار البيروني في عمان ضمن منشورات أمانة عمان الكبرى المجموعة الشعرية الجديدة للشاعر إيهاب الشلبي وحملت عنوان “عازفة عن وتري”.
ويأتي صدور هذه المجموعة وهي التاسعة للشاعر بعد صدور مجموعته الشعرية “أحزنُ الماءِ نهراً” التي نشرت في عمان مطلع هذا العام.
وقدَّم للمجموعة الجديدة الشاعر والناقد د. راشد عيسى، أستاذ اللغة العربية والأدب الحديث في جامعة البلقاء التطبيقية، مشيراً إلى” أن أهمَّ مزيَّةٍ جمالية في التشكيل الفني لهذا الديوان هي مزاجُ البُنيةِ الإيقاعية في القصائد وهو مزاجٌ حُرّ اتَّسعَ لعددٍ كبير من الهيكليات الموسيقية في إقامةِ الأوزان التي لا تلتفت إلى التوقيع الخارجي قدرَ التفاتها إلى التَّنغيم الداخلي وتوفير الانسجام بين براءةِ المفردة ومكرِ المعنى أو جلال الصورة الشعرية، ولذلك نلمسُ بوضوح مسألة تَجاوُرِ الأشكال الشعرية في شعر إيهاب، وهي ظاهرةٌ تكشفُ عن إخلاصِ الشاعر لأمومةِ القصيدة المعاصرة” مضيفاً أن ” في الديوان كذلك اشتباكٌ نبيهٌ مع نبضِ المرحلة وغُيوم الحلم وأسئلةِ الواقع والذات المُكتَظَّةِ بالشجن الجليل حتى لتبدو كلُّ قصيدةٍ ترتيلةً نورانية ينفحها ناسكٌ صوفي يتَعبَّدُ في غارِ الحِكمةِ حيناً وفي كوخِ الألَمِ اللذيذ حيناً آخر” .
” وبرأي د. راشد عيسى أن ” في هذه المجموعة الشعرية ( عازفةٌ عن وَتَري) نسبةٌ عالية من القصائد الجيدة، فالشاعر يمتلكُ أدواتٍ فنيَةً شجاعة في اختراقِ المألوف من الأنماط التعبيريَّة الشعرية؛ فالعنوان وحدهُ يُنبِئُ بقُدرةٍ واضحةٍ على إحراج الصيَغ الدارجة لتحقيق انزياحٍ جماليّ في التركيبِ اللُّغوي، وهو انزياحٌ عن دلالتين سابقتين: الأولى العزفُ الموسيقي على الوتر، والثانية الانحيازُ للرغبة كقولنا عزفَ على وترِ فلان، لتكون الدلالة الثالثة بمعنى الصُّدود، ومثلُ هذا الأسلوب الجمالي مَوفور في هذا الديوان الأمر الذي يؤكِّدُ مهارةَ الشاعرِ في إدارةِ نوايا اللُّغة وتشتيت إراداتها، ذلك لأنَّ اللغةَ الشعرية أولُ معيارٍ فنِّي يقيسُ نباهةَ الشاعرِ في هندسةِ معمارِ القصيدة.
ويرى الناقد والشاعر نضال القاسم في دراسة نقدية للمجموعة أن “عازفة عن وتري» عمل ضد النمطية السائدة، وضد القوالب الجاهزة، وضد الاستجابة لروح القطيع التي تريدُ للشعر أن يكونُ سجينَ أقفاصها البائسة، ومن هنا تكمن أهميته وأهمية رسالته. فها هو يجمعُ ما يُعتَقَد أنه لا يجتمع؛ الغنائية، المشهدية، السرد، النسق الاستعاري الجامح، النفَس الصوفيَّ، الحكمة، الموسيقيّ الصاخب، النثريّ المربك، كي يقيمَ الشاعر من كل هذا دليلاً على سخف النظرة النقدية الضيقة إلى الشعر في كثير من الأحيان. “
و يبدو الشاعر إيهاب الشلبي – برأي القاسم- ” قادراً على مواجهة الفخاخ المنصوبة في طريقه أولاً وفي طريق القصيدة ثانياً، وقد حاول استغلال الإمكانات المتاحة كافة للإمساك بالشعرية التي تمنح القصيدة هويتها على نحو مذهل، ليخرج العمل بهذه الصورة المتوازنة من الجمع بين تحقيق الغرض الشعري، وتحقُّق البنية الفنية. ومن هنا يمكن القول إن مجموعته هذه قد ارتكزت في هذا الفعل الشعري إلى دعامتين مهمتين:
الأولى: قدرة الشاعر على الإصغاء إلى أنشودة الحياة، وهي التي منحته تلك القدرة الجذابة على تحويل العالم، وتغييره من بعده الذكوري، وإعادته إلى أصله الأنثوي؛ ذلك أن إعادة اكتشاف الجانب الأنثوي في ظواهر العالم هو ما منح المجموعة نَفَسَها الوجداني والصوفي.
الثانية: استخدام مفرداتٍ تدفع المتلقي إلى التفاعل الحي مع النص من خلال تحفيز التصور لديه ومدِّه بعناصر الصورة، في محاولة من الشاعر لإيجاد تقاطع مفترَض بين ما يُشكِّل على البياض شعراً أو لوناً ومادة، وهذه هي السمة الفنية الأبرز لهذا العمل”
والمجموعة التي زيَّنت غلافها لوحة فنيّة للتشكيلية الفلسطينية المقيمة في الولايات المتحدة نانسي الحبشي هي المجموعة الشعرية الرابعة للكبار وجاءت في 152 صفحة من القطع المتوسط وتضمّ خمس عشرة قصيدة. ومن أجوائها نقرأ في قصيدة” مُحترَفُ الهوى” :
كانتْ متى تَعتادُني عيناكِ
مُغتسِلاً بوَهْجِ تَمَرُّدِي
مُتَألِّقاً بتَجَدُّدي
يَزْهُو المدى
بِحريرِ شَعرِكِ
وهوَ يرسمُ في احتفالاتِ النَّسيمِ غدَا
والآن تسأَلُني شِفاهُكِ
قبلَ أن تصطادَني عيناكِ مرتبكاً…
أُضَيِّعُ في القِفَارِ غزالتي
كانت على ملهى يدي
وتَبعثَرَتْ خطواتُها
وأنا تَبَعثرَ موعدي
والإصدارات السابقة للشاعر الشلبي تضم على الترتيب زمنياً: إيلا تُعِدُّ لنا المائدة عام 2000، دارةُ القمر(للأطفال)” 2001″ ، قبل حين من الورد ” 2002″ ، ،أُغنِّي مع كَرَم (للفتيان) ” 2006″ ، سيما الحلوة (مختارات للأطفال)” 2007″ ، سارة وأرجوحة الفرح( للأطفال) ” 2009″، أناشيد أسمى (للأطفال) ” 2011″ ، أحزنُ الماء نهراً” 2012″، فضلاً عن عدد من الدراسات والتقارير من منشورات مركز الأردن الجديد ضمن سلسلة المجتمع المدني والحياة السياسية الأردنية.