الكتّاب العرب يفضِّلون معهد الأرشيف الفرنسي


*

قبل عامين، أقدم الشاعر أدونيس على تسليم كامل أرشيفه الذي جمعه والذي طبع مسار حياته الأدبية الحافلة بالجدل، إلى معهد ذاكرة النشر المعاصر والمعروف اختصاراً بـ«إيميك»(IMEC). وهو معهد فرنسي يحتضن أرشيف كثير من الكتّاب المعروفين، مثل ناظم حكمت، كاتب ياسين، الكاتب اللبناني الأصل جورج شحادة ومواطنته أندري شديد، والتحق بهم -مؤخراً الشاعر والكاتب المغربي عبداللطيف اللعبي الذي سَلَّم كامل أرشيفه إلى المعهد الفرنسي نفسه. والمعروف أن «إيميك» هي مؤسسة فرنسية تضمّ أرشيفات كتّاب وفنانين.

ويشتمل أرشيف عبداللطيف اللعبي على جزء مهم من تاريخ تشكُّل الثقافة المغربية، فمن مخطوطات أعماله الكاملة ومراسلاته، سواء مع زوجته جوسلين أو مع أفراد عائلته وأصدقائه، إلى جانب من أعماله ووثائق تخصّ مجلة «أنفاس» الشهيرة (SOUFFLES) ومحاكمات عام 1973، وأخرى متعلِّقة بسنوات ما بات يعرف في المغرب، بسنوات الرصاص، إلى جانب مجموعة إبداعاته المخطوطة التي كتبها وظل يحتفظ بها إلى حدود اليوم. وأهم ما يثير في العقد المبرم مع المؤسسة الفرنسية أن أحد بنوده يشير إلى أنه في حالة تمَّ خلق مؤسسة شبيهة في المغرب «تعنى برعاية الذاكرة الثقافية المعاصرة، وتمنح نفس الضمانات المتعلقة بصيانة الوثائق والمحافظة عليها، فإنه يصير بالإمكان ترحيل الأرشيف إما جزئياً أو كلياً». والحال أن العديد من المؤسسات الحديثة التي خلقت في المغرب تلعب الدور نفسه، وتحظى باعتراف لفيف المثقفين والمجتمع المدني. ويبدو أن خطوة عبداللطيف اللعبي شكَّلت مفاجأة لبعض أصدقائه من الكتّاب المغاربة، وذهب بعضهم إلى انتقاد الخطوة، وتمنّى بعض آخر لو بقيت المخطوطات في المغرب، ولم تغادر البلد. 
واللافت أن الحدث وتوقيته يطرح أكثر من سؤال، خصوصاً بعدما انخرط عبداللطيف اللعبي السنوات الأخيرة في الكثير من الخطوات والمبادرات المغربية المدنية، لعل أبرزها نداء ميثاق من أجل الثقافة، إلى جانب الاصطفاف مع العديد من الكتّاب والإعلاميين في جبهة حرية التعبير والفكر. وحضوره عديد من اللقاءات التي انعقدت في المغرب، وكان الشاعر ضيفها، مما أظهر رغبة فعلية من الكاتب والشاعر عبداللطيف اللعبي في العودة تدريجياً إلى صلب نضالاته الثقافية والحقوقية والسياسية السابقة. 
مظهر ثانٍ يثير جدلاً يتمثَّل في توقيت اختيار عبداللطيف اللعبي تسليم الأرشيف الخاص لمؤسسة فرنسية تزامناً مع الانطلاقة الفعلية لمؤسسة أرشيف المغرب، هذه المؤسسة التي تلعب دوراً حيوياً في الحفاظ على الذاكرة، وهو ما يؤشر على موقف قَبْلي واتفاق مسبق مع مؤسسة فرنسية.
________
*مجلة الدوحة

شاهد أيضاً

أبورياش: المثقف معني بكل شيء في وطنه وعليه إشعال المزيد من الشموع لإنارة الطريق

الأديب موسى أبو رياش: المثقف معني بكل شيء في وطنه وعليه إشعال المزيد من الشموع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *