التاريخ الثقافي لجنوبي آسيا في “لغات الهند”


*محمد أبوعرب

ينقل “مشروع كلمة” إلى العربية -ضمن سلسلة إصداراته في حقل التاريخ واللغات- أحد أهم الكتب المؤلفة لدراسة التاريخ الثقافي الحديث لشبه قارة جنوبي آسيا، وخصوصاً جمهورية الهند، إذ يترجم كتاب “لغات الهند” للكاتب قوبال هالدر، الصادر في طبعته الأولى عام 1967 .

ويقدم هالدر في كتابه الذي يأتي في 322 صفحة من القطع المتوسط، عرضاً عاماً للوضع اللغوي القائم في شبه القارة الهندية، ويتبعه بموجز تاريخي يمتد من الألفية الثانية قبل الميلاد حتى اليوم عن نشأة وتطور اللغات الهندية، ويحدد في هذا السياق، مسارات اللغات الحديثة، وخصوصاً تلك المعتمدة في الدستور الهندي، التي يبلغ عددها نحو 20 لغة .
ويقسم المؤلف كتابه إلى 7 فصول، متبوعة بخاتمة تقدم عرضاً لأنظمة الكتابة في اللغات الهندية، وقضية الاندماج القومي ومشاكل اللغة، حيث تبدأ بفصل ملاحظات عامة، يمهد فيه الكاتب لفصول كتابه، وهي: “بلاد ذات أربعة أصول لغوية”، و”لغات النيشادا أو الأسترالية – الآسيوية”، و”اللغات “الكيراتية” أو التبتية – البورمية”، و”عائلة اللغات الدراويدية”، و”اللغات الهندية – الآرية: تاريخ المرحلة الأولى”، و”اللغات الهندية – الآرية الحديثة” .
يتوقف الكاتب في الفصل الأول عند الحيثيات التي أوجدت ذلك العدد من اللغات في الهند، والدوافع التي استلزمت تناوله لهذا البحث وعلاقته بالتاريخ الحضاري والثقافي لمنطقة جنوبي آسيا، إذ يستعرض مسألة الاتساع الجغرافي، وتنوع الوحدات السكانية، وصلات القربى اللغوية بين الهند وباكستان، مقدماً معالجة سريعة لقضايا تتعلق باللغة واللهجة .
ويرى أنه “من الطبيعي أن تتعدد اللغات في بقعة أرضية كبيرة في الحجم وكثيرة السكان . وإذا كانت، إضافة إلى ذلك، بلاداً قديمة وأرضاً لشعوب متعددة، فمن المستحيل أن تكون تلك الأرض بلاداً أحادية اللغة” .
ويؤكد في فصل “بلاد ذات أربعة أصول لغوية” أن لغات شبه قارة جنوب آسيا، نشأت في الأساس على أربع عائلات لغوية . كما أن عدد اللغات الواقعة خارج هذه العائلات صغير نسبياً، وأقل شأناً، وأسماء هذه العائلات هي: العائلة الأوسترية (الأسترالية – الآسيوية) أو العائلة الشرقية، العائلة الصينية – التبتية (التي يتحدثها الشعب المنغولي)، العائلة الدراويدية، والعائلة الهندية – الآرية .
ويشير إلى أنه في العام 1961 حدد التعداد السكاني الرقم الإجمالي للمتكلمين الأصليين باللغات الهندية ب 432 مليوناً، من بينهم نحو 43 مليوناً، و140 ألفاً حددوا لغتهم الأم كلغة تتبع هذه العائلات اللغوية الأربع، ونحو 750 ألف نسمة يتكلمون بلغة من عائلات لغوية أخرى، لافتاً إلى أنه تمت تسمية عائلات اللغات الهندية تبعاً لأسماء المجموعات العرقية (الإثنية) في المنطقة . 
ولا يغفل هالدر عن علاقة الأدب باللغة، إذ يقول: “لسنا معنيين بالحديث عن الأدب، لكن هل يمكن إغفال الأدب إجمالاً عند الحديث في اللغة ويقدم وقفات سريعة عن ملامح الأدب في جنوبي آسيا” .
يشار إلى أن قوبال هالدر روائي وكاتب من مواليد بنغلادش، بعد إكمال دراسته العليا في الأدب الإنجليزي . وحصوله على درجة علمية في القانون من جامعة كلكتا، عمل في المحاماة بعض الوقت، وهجر القانون وأنجز مسحاً بحثياً رائداً عن لهجات البنغال الشرقية، تحت إشراف اللغوي البنغالي سونيتي كومار شترجي .
له العديد من المؤلفات منها: “نشوء الثقافة” (1942)، “شخصية الثقافة البنغالية” (1947)، “الكتابة التافهة” (1942)، “الحرب الحديثة” (1947)، “الأدب البنغالي وتقدير الإنسانية” (1956) .
_______
*(الخليج)

شاهد أيضاً

العهدُ الآتي كتاب جديد لمحمد سناجلة يستشرف مستقبل الحياة والموت في ظل الثورة الصناعية الرابعة

(ثقافات) مستقبل الموت والطب والمرض والوظائف والغذاء والإنترنت والرواية والأدب عام 2070 العهدُ الآتي كتاب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *