عزلــة بيروت الأليفة


*عمّار أحمد الشقيري

(ثقافات) 

بيروت مساء الثلاثاء20- – آب – 2013
لم أكتب يوماً إلا في المنزل, باستثناء بعض الملاحظات العابرة والسريعة, هذه المرة برفقة الطبيب اللبناني عماد بدران خرجتُ لمقهى La Costa بيروت – “شارع الحمرا” , أجلسني على طاولة وابتسم :
– يمكن أن تكتب هنا
وقبل أن يغادر أشار للطاولة التي جلس عليها يوماً ما محمود درويش , أنسي الحاج وآخرون . 
– حسناً , حدثني عن الآخرين . 
لا أتذكّر أحداً منهم ,نلتقي في الثانية عشرة منتصف الليل, وغادر . 
الشعور في الخارج له طعم ” الإنتهاك “, إنتهاكٌ بسلّمٍ موسيقيٍ أبكمَ, من جهةٍ أخرى الخارج عدوّ الحالمِ والخياليّ, النائمِ يؤسس عالمهُ في غرفة بأوتيل قريب,الدون كيشوت عاين عزلتهُ هو الآخر من مكانٍ قبوٍ, وحين أرادَ الخروج وجد على حد تعبير ميلان كونديرا المكان والزمان والناس بشكل مختلف : حيثُ ” عندما كان الإله يغادر ببطء المكان الذي كان يحكم منه العالم, وسلّم قيمهُ, إذ كان يفصل بين الخير والشر, ويمنح معنى لكل شيء, خرج دون كيشوت من بيتهِ ولم يعد قادراً على التعرف على العالم ” .
خسر الدون كيخوته مقدرتهُ بمعرفة العالم ( المكان – الزمان – الشخوص ) واستسلم للخيال أخيراً . 
بيروت الأربعاء 21- آب 2013 
دروز الله , مقاولو النبوءات 
” توجّع قليلاً, توجّع كثيراً
مُتعبين تماماً , وحولي وحولكَ , يأسان 
سنصعد هذه الجبل ” 
وصعدتُ الجبل – جبل لبنان – حبث دروز الله ؛مقاولو الفرح والنبوءات , وفي مطعم الكوخ تصرّ ” بصارةٌ ” على كشفِ مستقبل الزبائن , حسناً لم تكن بصارة , كنَّ خمس بصاراتٍ, يبعن النبوءات, كنَّ يتجولن قاصداتٍ بيع الفرح لكن بحكمةٍ ودربةٍ استثنائية , إذ أن التنبؤ – عندها – إن لم يكن مقنعاً , ستسقط هي وعملها في الاجدوى
البصارة أخذت خمس قراءاتٍ مرتجلةٍ لغيب خمسة أشخاص , البصارة أخذت كفيّ حين أصرّت أن تزرع فرحةً ما , البصارة نسيت في كفها كفيَّ الأخرس :
– كفك لا ينطق 
– كفيّ مرتجلٌ , كيف لمرتجلٍ أن ينطق ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــ
ملاحظة : يقول صديقٌ ؛ أهل الجبل هم أقرب إلى الله , ربّما بحكم المسافةِ. 
بيروت – مساء الخميس – الطريق الجديدة 
بعد لقاء سريعٍ مع مجموعة من الأصدقاء عرفتُ أن المسرحي اللبناني ” يحي جابر ” ينوي عرض مسرحيتهِ اليوم, قدم ” جابر” لي بطاقتي دعوة :
– سيشرفني جضورك ” سنرفع معاً ” في المسرحية من معنويات الطوائف , ونضحك .
في المساء على مسرح بابل يقدم الفنان الموهوب ” زياد عيتاني ” تاريخ بيروت في المسرحية , تاريخ المهمشين وينهي الفصل الأول بمعنويات عالية لجميع الطوائف , في الفصل الثاني والأخير ينزع المعنويات عن الكل ويُعرّي المشهد الطائفيّ , الكل خرج راضياً , وبقي مقعد الشخص الثاني في الدعوة التي قدمها لي يحي جابر فارغاً فقلت أرفع معنوياتي أنا الآخر وأتخيّل أحدهم بجانبي , وكان أن نجحتُ في التخيل وأذكر أننا تحاورنا طويلاً كما كنا نتحاور في عمّان . 
ــــــــــــــ
* قاص وكاتب عربي – بيروت 

شاهد أيضاً

يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت

(ثقافات) يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت حسن حصاري منْ يمُدُّ لي صوْتا غيرَ صوْتي الغائِب؟ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *