*باولو كويلو
سيرة حياة في خمس فقرات
(مستلهم من نص لبورشيا نيلسون، في كتابها “قصص للقلب”):
أسير في الشارع، هناك حفرة في الرصيف، يتشتت انتباهي. إذ كنت أمعن التفكير في نفسي، فأسقط في الحفرة. يساورني شعور بالضياع والتعاسة والعجز عن طلب العون. لم تكن تلك غلطتي، وإنما غلطة من حفر تلك الحفرة في الموضع ذاك. ويغمرني الشعور بالاشمئزاز فأنا ضحية افتقار الآخرين للمسؤولية.. وأمضي قدراً كبيراً من الوقت هناك.
أسير في الشارع، هناك حفرة في الرصيف، أتظاهر أنني لا أراها. فتلك، نهاية المطاف، ليست مشكلتي. أقع هناك من جديد ولا يمكنني تصديق أن الأمر حدث مجدداً. كان ينبغي عليّ تعلم الدرس، وأن أبعث بشخص يردم الحفرة. ويقتضي الأمر مني وقتاً طويلاً لكي أخرج من هناك.
أسير في الشارع، هناك حفرة في الرصيف. أراها وأنا أعرف أنها هناك، حيث سبق لي السقوط فيها مرتين. غير أنني شخص اعتاد أن يمضي في الطريق نفسه، على الدوام. ولكن، بسبب ذلك الاعتياد فإنني أسقط في الحفرة عينها للمرة الثالثة. إنها عادة درجت عليها فيما يبدو.
أسير في الشارع، هناك حفرة في الرصيف، أسير ملتفاً حولها وبعيد تجاوزها، يتناهى إلى سمعي صوت شخص يصرخ، لا بد أنه وقع فيها. الشارع مغلق وليس بوسعي مواصلة السير.
أسير في الشارع، هناك حفرة في الرصيف. أغطيها ببعض ألواح الخشب. يمكنني مواصلة السير في طريقي، واثقاً تمام الثقة، أنه ما من أحد سيسقط في الحفرة عينها، مرة أخرى.
القرد والثمرة
هنالك أصل للمثل السائر: “القردة الموغلة في العمر لا تضع مخالبها في ثمار جوز الهند”.
اعتاد الصيادون في الهند، إحداث فتحة صغيرة في ثمار جوز الهند ووضع موزة في داخلها ودفنها. ثم تقترب القردة منها وتحفر الموزة وتلمسها. لكنها لا تستطيع انتزاعها لأن أكفها المطبقة لا تخترق الفتحة، وبدلاً من ترك هذه الفاكهة، تحاول القردة، اجتراح المستحيل، إلى أن تمسك بها.
الشيء نفسه ينطبق علينا في حياتنا. فحاجة أن يكون لنا شيء بعينه – شيء صغير ولا جدوى منه -، تجعلنا ننتهي، إلى أن نكون أسرى له.
_______
*(البيان)