حزني بحجم المدى


ماماس أمرير *

( ثقافات )




قال لي: وهو يَمْسَح حُزنا أثيرا
عن وجْه سَمائه العَصِيّة

اسْتَنِدي صَوتي
واهْدئي قَليلا

وِلا تُرْسِلي في طَلَبي
كُلّما هاجَ قَلبُك بِالهَذَيان

في كُلّ لحْظَة يا طِفْلَتي 
تَغْتالني الوَساوِس 

فامْسَحي عَنّي أحْزانَ الكَوْن
وما عَلِقَ مِن وَساوِسِ 
الرّعاعْ ومُؤامَراتِهِمْ

اسْتَلِمي مَفاتيح وَجْهي
ثم اكتُبي قَصيدَةً أخيرَةً
عَنْ أثْقالِ شُجوني

عن حبر أسْوَد 
قَتَلَ أصابِعَ الوَرْد 
وغمَسَ رَشاقتَهُ في وَجْه الطينِ

تَدَثّري بِحُزنٍ أبيَض
يا صِغيرَتي
اغْمِسي سُلالتَكِ في لَوْنِه
وافْصِحي عَني 

إقرئي شيْئا 
عنْ الشَمْس
واكْشِفي 
عنْ قُلوبِهِمْ البارِدَة
فالمارّونَ مِنْ هُنا
تُزْعِجُهُمْ خَطَواتُ المَلائِكَة

هَكَذا يَأتي الصّوْت 
حَزينا
هَكَذا تَدْمَع 
الأيْقونات المَصْلوبَة 
كَحُلْمٍ قَديم

وَيَمْشي قَلْبي إلى صَلاتِهِ
هادِئا
كيْ لا يُزعِجَ الآخَرينْ

لكِنَّ الأوْجاع تُعاوِدُني
كلّ لَيْلَة 
لِتُحَرّرَ أصابِعَ 
شَيْطانٍ صَغيرْ

فيَرْحَلُ المَدى 
عَنْ أحْداقي
وَتَتَرَبَّصُ الكَوابيسُ
بِمَنامي!

في ثَوْبِ طِفْلَةٍ خائِفَةٍ
أصْعَدُ إليْهِ
ثم أعودُ ألمْلِمُ وجْها هَرِما
لايشبهني!

وجها اغْتالتْه تَفاصيلُ عابِثَة
وحُزْنُ مساءٍ يتَتَسَلَّلُ بالرّغم مِنّي

أملأُ الأرْصِفَةَ بِتَجاعيدي
وحينَ تَزْأرُ الريح
أنْحَني
كيْ لا تَتْرُكَ 
طوفانَها بِداخِلي

فِكْرَةٌ موحِشَةٌ
تِلكَ التي تُداهِمُ الوَقْت 
كَشَبَحٍ 
تلْتَهِمُ شِفاه الصّباحات

تَسْحَبُ 
كل ما خَبَّأتُهُ في أحْلامي
وتَخْتَفي في حِكايات مُدُنٍ 
تَبيعُ رَمادَها للمارّة
ثم تَسْخَرُ 
مِنْ أصابِعِهِمْ المَبْتورَة

طفلة بِحَجْمِ المَدى 
لكنّ قَلَقي 
تُشْعِلُهُ عَذاباتُ المُدُنِ المِلْحِيَة

تَجْثَتُّ بَقاياي منْ تُرابها
وتَنْسى
أنّني كُنْتُ هُنا 
كَحُلْمٍ شَفيفٍ 

هَكذا تُسافِرُ حِكاياتُ الريح
في دَمي
تُطْعِمُني قَمْحها 
ثم تُهْديني
كَحُطامٍ لِلْهَذيان 

المَساءُ بَيْتي الأبَدي
وقَلْبي 
لا يَتّسِعُ لِكُلّ هَذا الغَثَيانْ
* شاعرة من المغرب تعيش في الأردن

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *