قصائــــــد


*إكرام عبدي
-1-
صباح لا صوت للحكمة فيه
«أنا سجين،
أترنح في زمن يشبه الحلم
غير آبه بالأصبحة والأماسي»
بورخيس
صباحي
شاعر نزق
بغليون عتيق
ولحية خفيفة
مخضبة بنبيذ المساء
لا شكل للحكمة فيها.
بتؤدة يمضي
مصغيا لحماقاتي
مزاجيتي
تثاؤبي
لأخبار موت يتصاعد بخارها
في فناجين النهار المتلاحقة.
يرتب أحلامي المؤجلة
شوارد الكلام
فراش الهزيع الأخير.
صباحي
يورق كطراوة العشب
بمزهريات الدهشة
رغم احتجاج المساء
على إطلالة الضوء
وتكتمه على
همس العشاق.
في الصباح
يتراءى لي
بورخيس
غير مكترث بالصباحات
متعثرا في خطاه
مبصرا ما لا يدركه الصباح.
على بياضه
ينسكب حبر الليل
وفي سمائه تنبجس
آلاف الشموس.
كم يلزمني من شمس
كي أكون الصباح
ألثم بؤبؤ عينيك.
أنتشي بشهوة البدء.
ألبس عريي
وأشرح للشمس صدري
فأحرق خطاياي وتحرقني.
وأغسل جسدي بشلال الضوء.
كم يلزمنا من الحكمة
كي ندرك أن صباحاتنا
تتكئ على زمن من هباء.
وأننا نحمل كل يوم
جثة الشمس على أكتافنا
كي نواريها ثرى المساء.
-2-
ذاك الشاعر…
ذاك الشاعر..
حين يعشقني
يقودُه عماه إلي،
يطوي الديار
فيسكنني،
وأصير معراجا يترقاه
فلا يضجر،
وعلى خاصرتي،
يختصر كل الأزمنة
وكقبلة مؤجلة
ينحت صورة لقصيدته
من شفاهي المعلقة،
وأذوب سماواتي السبع
فأكون سماءه الواحدة.
ذاك الشاعر ..
حين يعشقني
يتوجني فينوس،
يعيدني إلى طفولة الماء،
يغرف ماء الخطيئة من بحري
كي يبلل صحراء النأي،
يكنس ليلي من أنقاض الصمت
ويقود قطعان براءتي
إلى مراتع الجنون،
وبخيط شفيف
يسحبني إلى مركز الكون
يحوم حولي
يتدفأ بشمسي،
ذاك الشاعر..
حين يعشقني
يلقي بي في جحيم دانتي،
يحرقني
كي يضيء جسد قصيدته،
آنذاك،
لن أعلن توبتي
من العشق في مطهره،
لأنني سأكون
أنا القصيدة.
-3-
ليتني الحاءُ…
هي الحياةُ
وحيدةٌ في الحياة.
تجلس بجانبي
ممتلئةَ بضجيج دمي،
بجنون إيقاعي،
بصخبي الوثني،
مرآةٌ
أبصر فيها
فألمح وجها
كف أن يكون وجهي،
أعصرها
نبيذا
يملأ كؤوسَ مساءاتي،
تنسكب جنونا،
غوايةً،
حين تفرغ مني،
تمضي متعجلة
صوب حيوات أخرى،
تنبجس في الأفق.
هي الحياة…
نجومٌ متلألئةٌ
ما عادت تحتمل حزني…
أرقي…
انطفأت في عيني
فنامت السماءُ في كفي.
هي الحياة…
أكتبها ببطء
كي أمحوَها
وأبددَها في أناي.
جناحُ عنكبوت
رفة فراشة
تظللنا من الوهم.
خطوط…
تجاعيد…
لاشيء…
فراغ…
أصونه بين يدي المطبقتين.
هي الحياةُ…
وأنا
اثنان في واحد
وصوت الله ثالثنا.
هي الحياةُ…
بحر
الموج نزقها،
الزبد شبقها،
والمحارة كبرياؤها،
نار تشتعل بالنار
ولا حياة لجسد
إلا بين ماء ونار.
هي الحياةُ…
جثثٌ تزهر في جسدي
منتشيةً بخرائبي وانكساراتي
وأنا الطريدةُ العليلةُ
فريسةٌ للطيور الأوابد.
ليتني الحاءُ
كي ألوذَ بحماها،
وأتدثر بجبة الحلاج.
تداهمني بسنان الألم،
فأجند جمراتي
كي تحرق كل مخترق.
هي الحياةُ…
عذوبةٌ تفزعني،
لؤم،
يوقع بيني وبين غدي.
سفر…
بضوء الروح يبتهج،
ادعها كي تحيا فيك وإليك
ودع نداءك وهذا المنادى
يضيعان في صدى هذا النداء.
___________

*شاعرة وكاتبة من المغرب(نزوى)

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *