«وبعضا من حياة» لمنى الشافعي ..ومضة قصصية مركزة



*

«وبعضا من حياة»… قصة قصيرة للأديبة منى الشافعي بدأت بها مجموعتها القصصية التي عنوان القصة القصيرة نفسه، والتي وضعتها الكاتبة في المرتبة الأولى لقصصها بعد الإهداء. نجد تجاوبا واضحا بين نص الإهداء ونص العنوان حيث يلتقيان في مفردتي «بعضا وحياتي» وهذا دلالة على حب الحياة والرغبة في مواصلتها برغم الصعاب، التي قد يمر بها الإنسان و«بعضا من حياة» قصة قصيرة ومضة مركزة تعتمد بها الأديبة على شحن كثير من المشاعر في فترة زمنية محددة تكاد تكون وجيزة. حاولت الكاتبة أن تتوحد مع شخصية الراوية « البطلة» والتي اتخذت لها اسمين في القصة «ريحانة» الاسم المستعار والاسم الحقيقي الذي تعرفنا عليه في نهاية القصة وهو «دانة» كذلك البطل له اسم مستعار وهو «ابن خلدون» والحقيقي « فيصل»، وهذا دليل على التشابه الشكلي بين الشخصيتين التي تتألف منها القصة، تستحضر شخصية البطلة لفعل الكتابة في بداية القصة لكنها كتابة ليست بالقلم ولكن الكتابة عبر الكمبيوتر وما يعرف بـ «chat » الرسائل الإلكترونية والتي أصبح لها شأن في عصرنا هذا، أجواء القصة منذ البداية تأخذنا في جو رومانسي عاطفي بين زوجة فقدت حنان الزوج واتجهت للمحادثات الإلكترونية، لتتعرف على أحد الأشخاص الذي يشبه حالتها فتتوافق الحالتان، رسمت الكاتبة لوحة شاعرية ملونة بشيء من الخيال المركز، يتخلله الحدث من خلال حوار عاطفي تتشكل منه لوحات السرد المركزة، ففي القصة ترتكز حبكة الحدث على برود المشاعر بين الزوجين والذي استمر زواجهما لعقدين من الزمن، تتساءل البطلة هل فقد عنصر الأمومة كان له الأثر الأكبر في تباعد المشاعر والقلوب، وهل الدفء العاطفي هو الذي أعاد المشاعر الدافئة بينها وبين الصديق. تدور أحداث القصة بعرض التوافق بل التماثل بين الحياة والمشاعر وفي كل شيء تقريبا لدى الطرفين، مما يجعلنا أمام علامات استفهام متواترة، فهل من الممكن أن تتعرف على شخص يشبهك تماما حتى في الجنسية ويسكن بالمدينة ذاتها التي تسكنها؟ حاولت الكاتبة عرض التوافق بين «ريحانة وابن خلدون» في كل نواحي الحياة في القراءات والفن ونوع الموسيقى ومدى التنافر بين «دانة وفيصل» في الوقت الحالي والذي كان التوافق يشعل حياتهما سعادة وهناء هذا التمازج هو مثله الآن بين ريحانة وابن خلدون. إلى أن تأتي لحظة المفارقة موعد اللقاء بينهما فيحدد المكان والموعد ويحاول كل منهما وصف الآخر لكي يكون التعرف سهلا منذ الوهلة الأولى (وصف الملابس والشكل الخارجي والهيئة)، حتى تأتي النهاية مفعمة في جو من التخيل والمصادفة فالزوجان هما الحبيبان تباعدا في واقع حياتهم الرتيب، ثم عادا وتقاربا واجتمعا من خلال التكنولوجيا؛ في ختام القصة تقول البطلة: «ماذا لو كان فيصل» يا إلهي يبدو أنني أعرف جيدا صاحب هذه القامة، وتلك المشية».

_________
*(الراي)

شاهد أيضاً

“المثنوى”و”شمس” من كُنوز مَولانا الرُّومي

“المثنوى”و”شمس” من كُنوز مَولانا الرُّومي منال رضوان     المثنوى المعنوى، وديوان شمس لمولانا جلال …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *