هكذا، والكَلام عابر سبيل!


لانا راتب المجالي *

(ثقافات) 

1- قَمَر 
الكِتابة عَن قمرٍ يَغمِزُ في وجهِ حَبيبتي عِندما تبتسم، أو كتابة فِكْرة القَمر يَغْمِزُ في وجهِ حبيبتي عندما تبتسم.’; هكذا، وسوّستُ لي، ثمّ انشغلتُ بتشكيلِ أواخر الابتسامات في الكتابتين، 
ولَم أنَم طوال النصّ!.; 
هكذا ، أيضاً، خيَّرتني اليَقظة بين قَدري كَعاشقٍ يوزّع قَمر حبيبتِهِ المُبتَسِم عَلى عتمةِ القرّاء بالتساوي، وقَدَري ككاتبٍ يصنع حَبيبة بِقَمرٍ مُبتسِم مِنْ عَتمةِ كلِّ قارئ. 
في تلك اللحظة، تَحديداً، وقَبلَ أن أمتَهِنَ الكِتابة بِسطرٍ أخير، سَقَطَ القَمَر مِن ابتسامةٍ في وجهِ حبيبتي
اللعنة عَليها- 
فامتهنتُ ..العشق. 
*****
2- حديقة 
عِندما كُنْتُ حَديقة . 
كان لي سورٌ طَويل; أطوَل بِكثير مِنْ نَخلة. ولا يَنحني ظَهرَهُ عِندما يَدخلُ رحابة الله، حيثُ لا أستطيع الوصول إليك. 
ثمّة، في الفناء، خارجاً ، كان لي بوابة.وهناك جلستُ على الأرض بانتظارك. قلتُ :
” لَنْ تتأخّر”.
وقلتُ-أيضاً-: 
” لا تحلق ذقنك اليوم”.وأَضْمَرْتُ’في نفسي: “وغداً، وبعد غَد “.
قلتُ: ” لَن تتأخر” ، ووعدتُ بناتك الأزهار في تُرابي: “لَن يتأخَر، سيأتي، أو يأتي، حاملاً الفراشات والنحل”.
وغسلتُ وكويتُ فساتينهن، وأعددتُ لهنّ الخبز والشّاي، وغنيّتُ لهنَّ قبل النوم أغنيات العطر والنشوة. 
قلتها -أيضاً -لصاحب الدكّان عند المنحدر:” اصبر علينا، سندفع ديوننا كاملة، هو فقط ، لم يجد سيّارة أجرة ، منذ ألفِ عام”. 
وصرخت:” لَن تتأخر” ، بصوتٍ عالٍ، أعلى من عويل بناتنا، وأعلى مِن ضحكات فساتينهن الباهتة. الباهتة جداً، كما المتعبة من البهجة، ومن حشرجة عطر أبلاه الاستعمال. 
عندما كنتُ حديقة، قاومت بِ:’”لَن تتأخر” ، بصوتٍ عالٍ، أعلى بكثير من صوت الانتظار ، حتّى شنقوه، وأقفلوا عليه البوابة حتّى يجف، وفتحوا نحيبي الذي بقي طازجاً ومسموعاً على مصراعيه.
3- الفستان 

” يَشْبَهُني! “;
لَوْنه البنفسجي، وثنياته التي تبدأ منذ الخَصر بَعد أن تعصرهُ بشوق . 
فتحة الرقبة نصف البيضاويّة حتّى ثلاثة أصابع (بعد/ تَحت) الكتفين !.أو-ربّما- هو “تَهافُت”القماش وتشبثه (على/بِ) دفء الصدر. 
وَلَم أدفَع ثَمنه ; السَّماء لَها تَجليّاتها عِنْدما تَصفو أحياناً-:
” لَكِ” . 
“أنتِ” .
“وحدكِ “، قالَت العالية، وألقَت بهِ عَلى قَلْبي . 
ولَم أجرؤ على ارتدائهِ في خطبة ‘زينة’ بنت الشهيد عَلى محمود الجاسوس . وخشيت من “حوقلة ” النساء و(خرزات) سبحاتهن لو ارتديته في مباركة (طهور) مصطفى ابن إمام الجامع، ومن نكات المتزوجات البذيئة إن غامرت في ارتدائه يوم عرس إبراهيم فارس أحلام كلّ بنات القرية على امرأة شقراء قابلها في (فيلم أجنبي) على القناة الثانية. 
“سيُناسبك” . “تَماماً” . “عَلى قياس العيد”; قالت جدّتي كَوصيّة عَلى فراش الحياة. ولَم تَمُت بَعدها . ولا ماتت السّماء ، ولا أنا . ثلاثتنا . لا ننام ولا نصحو .بانتظار العيد.منذ ألف عام . كلّما رنّ هاتف ودقّ جرس باب. 
هكذا; دون أن يلمس جسدي مرّة- الفستان. 
4- الليمون 
مِنْ سَقْفِ الغُرْفَة، تَدلَّت. لَوْ تَسْقُط!، في حُضني; كلّها. لَوْ أمُدّ يَدي; يَدي اليُمنى – لَمُ أُقلِّم أظافَري بَعْد-، لَوْ أقطفها; ابتسامتك، لي، كلّها. ما زالَ حامضاً ; الليمون، لو كانَ أحمَر!. كأنَّك عُدتَ. أنا أيْضاً. لَو نَعود ..، لَو تستمر القَشعَريرة، قَليلاً، لَوْ تَرتفع الحَرارة أكثَر .. أكثَر، أكْثَر.
5- عابر سبيل 
” لا تكتبي بعد منتصفِ الليلِ ودقيقة; المَدينة لا ترتدي نظارتها الطبيّة”; قالَ رجل الأمن الذي يَحرسُ العَتمة.ابتسمت ورقة شبه فارغة،ومدّت بياضها في لُغتي.
“الغِناء، إذاً ..”; تمتم النور متقلّباً في فراشه.وأضاف: 
“لو لم تكن صمّاء أيضاً”.’
هكذا،- والكلام عابر سبيل -;ألقيتُ عن كتفيّ الأبجديّة، و..مضيت.
_________
*شاعرة وكاتبة من الأردن ( مديرة تحرير ثقافات )
-عن (القدس العربي).

شاهد أيضاً

طه درويش: أَتكونُ الكِتابَة فِردَوْسَاً مِنَ الأَوْهامْ؟!

(ثقافات) طه درويش: أَتكونُ الكِتابَة فِردَوْسَاً مِنَ الأَوْهامْ؟! إلى يحيى القيسي لَمْ نَلْتَقِ في “لندن”.. …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *