*إعداد ر. ر.
يحتاج شكسبير وفق الناشر “راندوم هاوس” الى مجاراة العصر، والخضوع لعملية تجديد تجعله مناسباً لقراء القرن الحادي والعشرين. في الأقل هذا ما يُستشَفّ من مبادرة دار النشر البريطانية الى المضي في مشروع “ضخم”، لإعادة تصوّر عمل شكسبير المسرحي “حكاية الشتاء”. ليست التجربة أولى في هذا المجال، لأن نصوص جاين أوستن شكّلت باكورة خطوات هذا المختبر النشري الحديث الذي يهتم بشكسبير راهنا، على أن يخرج بمقاربته المُحدَّثة في 2016، بالتزامن مع مرور أربعمئة عام على وفاة الكاتب المسرحي. لا لبس في ان إعادة صوغ الكلاسيكيات مهمة عسيرة اختيرت لاتمامها المؤلفة الانكليزية المثيرة للجدال جانيت ونتيرسون، كانت حسمت بنفسها فتيل كل خلاف قد يتمحور حول أدبها قبل أعوام. طلبت منها صحيفة بريطانية آنذاك، مع مجموعة كتّاب معروفين، تسمية اعظم مبتكر نثر انكليزي على قيد الحياة، فلم تتردد في أن تنسب لنفسها الصفة. عندما فاتحتها “راندوم هاوس” بالمشروع الحديث، أدركت مباشرة أيّ نص من إرث شكسبير، سترغب في دخوله و”العبث” بمحتواه. ذلك انها كانت شرعت قبل أعوام في انجاز نسختها من “حكاية الشتاء”، النص الذي عنى لها الكثير لتمحوره على فتاة ضائعة. والحال ان الكاتبة الإشكالية التي تحتسب الحواجز فتمازج على هواها الأنواع الأدبية، كاتبةً شعراً مغلّفاً بشكل الرواية النمطي، سردت في “البرتقال ليست الفاكهة الوحيدة” طفولة أمضتها في منزل بالتبنّي في لانكشاير. اقتصرت المكتبة هناك على ستة أعمال اختارتها والدتها “الثانية” بتأنٍّ خوفاً من الآثار التخريبية التي قد تتركها بعض العناوين في نفس ابنتها. اللافت ان وينترسون لم تتصالح يوماً مع ماضيها بل هربت من أسرتها في السادسة عشرة لتحقق حلمها في سانت كاترين كوليدج في اكسفورد، بعدما باعت المثلجات وعملت في مستشفى عقلي لتستطيع بلوغ هذا الصرح العلمي. عندما فشلت في التأثير في مجلس الجامعة إبان المقابلة الشخصية، خيّمت خارجاً الى أن اعيد النظر في ملفّها وجرى قبولها.
ربما نجد شيئاً من هذا التحدي في نص شكسبير المنقّح في نسخة ونتيرسون، على أمل أن تأتي النتيجة محافظة على روح الكاتب وفق وعود دار النشر.
_________
*(النهار)