*محمد شعير
لم يكن الأمر مخططاً، كان التفكير أن يجتمع المثقفون المصريون فى دار الأوبرا صباحاً فيما اعتبروه ” النكسة الثقافية الثانية” لمصر، عبر تعيين وزير إخوانى لوزارة الثقافة، واتفقوا على أن يختاروا قيادة “ظل” لإدارة الثقافة، والاتفاق على وقفات احتجاجية واعتصام وأنشطة فنية فى الشوارع المحيطة بوزارة الثقافة، لكن كان دخول مبنى الوزارة سلساً. هكذا دخل بهاء طاهر وصنع الله إبراهيم، وسيد حجاب، وخالد يوسف، وأحمد ماهر، ومحمد هاشم، الفنان نبيل الحلفاوى، ومحمود قابيل، ومحمد العدل، ومحمد هاشم، وأحمد نوار، والمخرج محمد عبد الخالق، والسيناريست سيد فؤاد، ومحمد عبلة، وسامح الصريطى، وجلال الشرقاوى، والفنانة سهير المرشدي، والفنانة حنان مطاوع … احتلوا مكتب وزير الثقافة وأعلنوا الاعتصام حتى رحيله… تبدلت الخطط تماماً، وتحرك الجميع باتجاه مكتب الوزارة الذي جرى إغلاقه ورفض دخول آخرين.
كانت البداية بياناً أكد فيها المعتصمون “رفضهم للوزير الذي فرضته الفاشية الدينية الحاكمة، والذي بدأ خطة تجريف الثقافة الوطنية” …وأكدوا أنهم لن يقبلوا إلا بوجود وزير يلبي طموح المثقفين ..ويؤمن بالحفاظ على قيم التنوع والمواطنة والثراء الذي كان سمة الثقافة المصرية على مر العصور”.
من جانبه أكد الروائي صنع الله إبراهيم استمراره فى الاعتصام لحين إقاله الوزير، وربما يستمر حتى 30 يونيو القادم، لأن وزير الإخواني :”خطر على الثقافة.. ومحمل بأفكار معادية للثقافة والفن” …وأضاف صنع الله: “يتعلل الوزير وجماعته بتطهير الثقافة ..وهذا ما كنا نطالب به ..ولكن تطهير مؤسسات الدولة يبدأ بتطهير قصر الرئاسة أولا ..وخاصة أن الإخوان ليسوا شركاء ثورة وإنما سطوا على الثورة”… واعتبر بهاء طاهر أن الهدف من قرارات الوزير الاخيرة هو إزاحة النخبة الثقافية من المشهد الحالي، موضحاً ان اجتماع رموز الثقافة اليوم هو رسالة واضحة للعالم تؤكد رفض الرأي العام الثقافي لوزير الثقافة وسياساته.
وخلال ساعات الاعتصام اصدر المثقفون بياناً يحتجون فيه على تعيين رئيس دار الكتب والوثائق الإخواني خالد فهمي، وطالبوا بالتحرك لحماية الوثائق المصرية وتحديداً الخاصة بالحدود..والمتعلقة بتاريخ جماعة الإخوان المسلمين وتنظيمهم السري. ومن جانبهم أعلن موظفو وزارة الثقافة اعتصامهم بالوزارة لحين إقالة الوزير الذي أصدر قراراً بفصلهم بسبب ما اعتبره “عدم قدرتهم على حماية مبنى الوزارة” … وأضاف العاملون أن وزير الثقافة نفسه اعتصم منذ شهور بالمبنى مطالباً بإقالة رئيس أكاديمية الفنون سامح مهران. وقام الموظفون بطرد رئيس قطاع مكتب وزير الثقافة عصام سالم شرف، مؤكدين أن قرار اختياره بالأساس مخالف للقانون، وطردوا ثلاثة موظفين استعان بهم الوزير من حزب الحرية والعدالة الحاكم.
وخارج مبنى الوزارة اجتمع مئات المثقفين والفنانين تأييداً للمعتصمين بالداخل ..وقام الفنان رامي عصام بأداء العديد من أغنياته..وقامت فرقة مسرح الشارع بتقديم أحد عروضها، وكما عزفت فرقة باليه الأوبرا والآلات النحاسية ورقص الجميع على العديد من الألحان العالمية. ومن جانب آخر، قام عدد من موظفي الوزارة المنتمين للإخوان، لم يتجاوز عددهم 15 موظفاً، بالتظاهر، وخاصة بعد أن قرر الوزير صرف مكافأة مالية لهم 350 جنيها (حوالي 50 دولاراً). وكان قد تردد اثناء الاعتصام نية الإخوان إقالة وزير الثقافة وتعيين وزير آخر هو أحمد منصور الإعلامي بقناة “الجزيرة” والمنتمي لجماعة الإخوان..وهو ما قوبل الرفض أيضاً من الجميع..والتهديد بالتصعيد.
_______
*(السفير)