* خليل قنديل
في مثل هذه الأيام ولد القاص والروائي المصري يوسف إدريس صاحب مجموعات «أرخص ليالي»، و«حادثة شرف»، و«آخر الدنيا»، و«العسكري الأسود» و«رجال وثيران» و«قاع المدينة» و«لغة الآي آي»، و«النداهة»، و«بيت من لحم»، و«أنا سلطان قانون الوجود»، وروايات «الحرام»، و«العيب»، و«البيضاء»، وصاحب مسرحيات «ملك القطن» و«جمهورية فرحات» و«اللحظة الحرجة»، و«الفرافير» و«المخططين»، و«البهلوان».
ويوسف إدريس من استطاع باقترابه الحميم من الشخصية القروية والريفية المصرية أن يحمل لقب «تشيخوف العرب» نسبة لكاتب القصة الروسي أنطوان تشيخوف، الذي اعتمدت كتاباته القصصية على رصد المفارقة الإنسانية الجارحة ورصدها في قصة قصيرة. وهذا ما كان قد فعله يوسف إدريس في معظم قصصه القصيرة وهو يشدنا إلى منطقة الدهشة وعدم التوقع، من خلال فكرة صغيرة أو ملاحظة عابرة.
ونحن كتاب القصة القصيرة في الوطن العربي يحق لنا أن نستذكر سيد القصة القصيرة العربية، يوسف إدريس، ذلك أن إدريس لم يُصغر من أكتافه الإبداعية كي يعبر إلى مناطق إبداعية أخرى، كما حدث للعديد من كتاب القصة القصيرة العربية، بل كان نداً حقيقياً لكل القنوات الإبداعية الأخرى. وربما هذا التحدي هو ما دعا عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين لأن يقول عن إدريس «أجد فيه من المتعة والقوة ودقة الحس ورقة الذوق وصدق الملاحظة مثل ما وجدت في كتابه (أرخص ليالي) من تعمق للحياة، وفقه لدقائقها، وتسجيل فادح لما يحدث فيها».
في ذكرى ميلاد يوسف إدريس نستذكر هذا الذل الإبداعي الذي تعيشه القصة القصيرة العربية، إلى الدرجة التي صاح أحد النقاد العرب في أحد المؤتمرات النقدية، مطالباً بإعدام القصة العربية وإلحاقها بركب الرواية العربية.
إننا ونحن نستذكر تاريخ هذه القامة الإبداعية العربية نستذكر أيضاً المرحلة السياسية التي على الأغلب هي التي شكلت الرافعة الحقيقية لمثل هذا الأدب، ذلك أن إدريس عاش بالتفصيل كل تعلات التحول الاجتماعي والثوري الذي حققته ثورة الرئيس جمال عبدالناصر، حيث استطاعت هذه الثورة في مفصلية تاريخية محددة أن تقوم بتثوير الكامن الإبداعي عند العديد من المبدعين المصريين، ويوسف إدريس هو واحد منهم.
ومن يقرأ قصص يوسف إدريس ورواياته سيلمس بالتأكيد أثر هذه الثورة والانتصار الدائم للفقراء عند يوسف إدريس.
وما يجب أن نؤكد عليه ونحن نستذكر إدريس هو تلك الجرأة الكتابية التي ظل يتحلى بها إدريس على المستوى الكتابي باختراقه أجواء قصصية ومسرحية وروائية خارجة عن الرتابة الكتابية التي كانت تميز كتّاب عصره، هذا إضافة إلى الجرأة الشخصية التي كان يتمتع بها يوسف إدريس في العديد من المواقف الاجتماعية والسياسية.
في ذكرى ميلاد يوسف إدريس نرفع القبعة لهذا المبدع الذي لا تستطيع عند الانتهاء من قراءة أي قصة كتبها أن تنساها أو تتجاوزها.
______
*(الإمارات اليوم)