* محمود محجوب
لا يزال الفن يشق بنوره ظلمات الطرق ويضيء الذهن والوعي، حيث تم افتتاح معرض فن تشكيلي جماعي تحت عنوان “مفترق طرق” بقاعة بيكاسو شارك فيه ستة فنانين تشكيليين هم: “عبدالرحيم شاهين – عبدالعزيز الجندي – علي دسوقي – عفت حسني – محمود حامد – نرمين الحكيم”، وقد حضر الافتتاح عدد من الفنانين التشكيليين والمهتمين بالحركة الفنية، وغاب عنه المسئولون في قطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة.
وعن المعرض تحدث د. عبدالرحيم شاهين، وهو فنان تشكيلي وأستاذ فلسفة علم الجمال قائلًا: هو معرض يحمل عنوانًا في مفترق طرق لمجموعة متميزة من الأجيال من الفنانين التشكيليين، قد تكون متعاقبة وقريبة من بعضها البعض، كل فنان يحمل سمة خاصة في هذا المعرض. وأنا في حقيقة الأمر في هذا المعرض أشارك بأربعة أعمال عناوينها تنصب في قيمة الرمز الذي أطرحه في المعرض، تلك الرموز التي أضعها في هذا المعرض ما هي إلا رموز تم اختيارها من الواقع وإحالتها إلى حالة من الحلم الموجود في إطار العمل نفسه.
وإذا تأملنا لوحات الفنان علي دسوقي نكتشف كيف وظف فن الباتيك في أعماله، حيث تلمح كيف تمتزج الألوان ليعكس لك البيئة المصرية الشعبية، وملامح البيوت والحارات المصرية وألعاب الأطفال، وتراه يصور لك الحرف القديمة والباعة الجائلين، ويمكنك أن تشعر بالحنين لهذه الأماكن التي قارناها في روايات نجيب محفوظ، فهو فنان البيئة الشعبية.
أما الفنان عفت حسني فإن لوحاته أقرب إلى قصائد الشعر الفيزيائية التي تتجه إلى دراما الأحلام وإيقاعات اللون ورموز الأصوات والنظرات، بحيث يطرح إشارات تقترب من بهجة الآمال وفرحة الأنوار، فهو فنان يمكنه أن يعبر لك عن نوازع النفس الإنسانية وطموحاتها وقراءة لوحاته تحتاج إلى تعمق الأحاسيس والأفكار معًا.
الفنان عبدالعزيز الجندي مغرم أيضًا بصور مصر القديمة من الحارات والأزقة والبيوت البسيطة والباعة والإنسان المصري البسيط الذي يحمل حضارات عريقة في كيانه، فهو يقاوم كل شيء من أجل لحظة يشعر فيها بالأمان والاطمئنان. موضوعات هذا الفنان تؤثر الروح وتضمك إلى مصر وحنانها وتاريخها العريق.
أما الفنان محمود حامد، فهو يرسم على ضفاف الحضارة الفرعونية من خلال مفهوم فلسفي يرى أننا كشعب أصحاب حضارة كبيرة لم نستغلها ولم نوظفها في حياتنا اليومية، ولذلك تجد الوجوه في لوحاته معبرة عن دهشتها أو تشوقها للتغيير وقد جعل من ألوانه الذهبية تشق دربًا نحو الابتكار والتجديد وكأنه يؤكد لك أننا نتمازج مع جميع الحضارات لنعيد خلق حياتنا من أجل الإنسانية.
الفنانة نرمين تتجه في لوحاتها إلى عالم البساطة من خلال فكرة التجريد التي تقدم لك تفاصيل الحياة في لحظة مكثفة تستشف منها مواقف كثيرة. فهي تشعر بنبض الإنسان العادي وتريد أن تعبر عنه في صور تلمس المشاعر وتهزها أو تصدمها، وقد وظفت ألوانها في هذا الإطار، بحيث تجذب الانتباه وتأسر اللحظة الحالية.
وقد تحدث كثير من زوار المعرض وأبدوا إعجابهم وسألني أحدهم: كيف يستطيع الفنان المصري خلال المشهد الصاخب اليومي من رعب وحرائق وضرب ورصاص أن يكثف تلك اللحظات ويصورها في بساطة؟
وقال أحد الحضور: إن المعرض يؤكد مواجهة الواقع من خلال الفن واللوحات هنا لا تعبر عن واقع مضى وانتهى ولا تعكس آثاره وإنما تصور ملامحه ورؤيته للمستقبل وربما تكون لوحة من هذه اللوحات قادرة على تحريك الجماهير.
وتساءلت حقًا: هل يمكن للوحة التشكيلية أن تعبئ الجماهير من أجل الحق والخير والجمال ومواجهة الظلم والفساد؟.. ربما.
________
*((خدمة وكالة الصحافة العربية)