ما أوسع حظهم سكان “ساق البامبو”…!


دينا يسري*

( ثقافات )


على يقين أن الكتابة الجميلة كالحلم الجميل يأتيك بغتة، لا ترتيبات، لا مواعيد، لا لقاء.. فقط تنام وتحلم به لتصحو منتش في حالة دوار لذيذ، تماماً كما يقول صديق لي في مجموعته القصصية “صحيان بطيء من حلم جميل”، وهكذا هي ساق البامبو تأسرك بعوالمها، أشخصاها، فتارة تحاكيك فيها الفلبين بطبيعتها الخضراء وفواكهها الرطبة فتتمنى لو أنك هناك تتذوق تلك الثمار التي يتأملها عيسى كل ليلة بشغف، وتارة تحاكيك فيها صحراء الكويت بقسوتها وجمودها.
ذات يوم، أحببت قولي ما أوسع حظهم سكان السماء، لكني الأن أردد ما أوسع حظهم سكان ساق البامبو..!، أحببت كل الشخصيات تعايشت معها عن قرب، ضحكت لأجلهم وبكيت عوضاً عنهم، رأفت بحالهم، ولو تحدثنا عن أمر الضياع فهو لا يستثني أحدا كلٍ على سواء فلبينيين أو كوايته.
الروايات الجميلة كأصحابها ولو عددت مواطن الاستحسان في الرواية فلن يسعني القول، وهل هناك قول في رائعة مثل تلك؟!. 
يـاااا هوسيه، خوزيه،جوزيه أو حتى عيسى.
دائماً ما كانت تقول لي جدتي أن الإنسان يحن إلى مكان ولادته، لحظة صرخته الأولى، يؤسفني أن مكان ولادتك قد ضاق عليك كما يضيق قفص كثُرت عصافيره. لغتان اتسعوا لاسمك كمجرد اسم دون صلة، ولغة ضاقت بك وآخرى قبلتك على مضض. وأنت الباحث عن الهوية، العرق، النسب، الدين..!!
عيسى أنت على حق حين قلت “أنا لم أختر اسمي لأعرف السبب. كل ما أعرفه أن العالم قد اتفق على أن يختلف عليه !.” وكنت أيضاً على حق حين اعتذرت من محبوبتك ميرلا حينما أرادت أن تطلق على اسم طفلكما كل هذه الأسماء، جوان، هوان، خوان. أنت على حق حين رفضت أن تورثه أسماء سوف تضيق به يوماً ما واكتفيت بـ راشد اسماً له.
يا صديقي أنا أشاركك الرأي ما أتعسهم حظاً هؤلاء الذين اختارا أبائهم لهم أكثر من اسم..!!!
عيسى اخترتُ لك هذا الاسم لأناديك به فإن كانت رفضتك عائلة الطاروف والكويت معاً فوطن القراء يتسع لك، يا عيسى أوجعني قلبي فرحاً وتنهدت حين قرأت خبر زواجك من ميرلا وأنا التي متُ رعباً معك في كل مرة تناهى إلى ذهنك مجرد احتمال بانتحارها. 
يا عيسى أوصل كرهي لجدك ميندوزا وعنجهية عائلة الطاروف المزيفة، وأوصل محبتي لـ تيه ميرلا معشوقتك، لـ إيمان جوزافيين بحتمية عودتك، وقوة ماما آيدا في مواجهتها لـ ديوك ميندوزا، وذكاء خولة لاحتوائك، وصمت إينانغ تشولينغ سواء كانت الساحرة الشريرة أو حتى السلحفاة فكلاهما على صمت. وأخيراً وليس أخراً أسطورة بينيا عن ثمرة الأناناس التي نبتت لها ألف عين، والتي سأتذكرها كلما وقعت بنظري عليها وتذوقتها، فأنت كما لا تعرف الأناناس أحب الفاكهة إليّ، والأن أنا بصدد التفكير في أول طفل سأقص عليه الأسطورة ليموت رعباً ظناً منه أنه سينبت له ألف عين، فأضحك بخبث.
عودة إلى النص.. كيف لكاتب مثلك أن يحيا وسطنا بكل تلك السلاسة؟
إلى صاحب السرد الأجمل على الإطلاق، “سعود السنعوسي”،
أجمل الروايات قرأتها..Pdf
وأحب الروايات إلى قلبي هي من كثُرت اقتباستها.
وحين أخبرني حبيبي “بلال” أن رواية مثل تلك تستحق أن تبقى في ذاكرة مكتبتنا وإن كنتُ خالفته الرأي في البداية واكتفائنا بالقراءة على النت، فمنذ انتهائي من الرواية وبداخلي تشبث بأنها ستكون أول الروايات التي سأحتفظ بها بين جداران مكتبتنا حتى تكون أول حكاية أقصها على ابنتنا الجميلة وربما سأبدأ لها بحدوتة بينيا حتى ينمو عقلها الصغير فتعي قصة حب عيسى وميرلا.
* كاتبة من مصر

شاهد أيضاً

فصل من سيرة عبد الجبار الرفاعي

(ثقافات)                       الكاتب إنسان مُتبرع للبشرية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *