*مسعود أمر الله آل علي
اليوم وبمجرد غياب الشمس، يرفع مهرجان كان السينمائي الدولي الستار عن نسخته الـ66، لتنطلق بفيلم الأسترالي باز لورمان “غاتسبي العظيم” الذي يُعرض خارج المسابقة الرسمية، فيما يتولى تقديم حفلي الافتتاح والختام الممثلة الفرنسية أودري توتو صاحبة دور “إيميلي” في فيلم يحمل العنوان نفسه.
إذاً سيكون حفل “كان” بسيطاً، وأنيقاً، عاكساً بفعالياته خريطة السينما العالمية، كما كل مرة، فيما يحمل ملصق المهرجان صورة الممثل بول نيومان وزوجته في الحياة، الممثلة “جون وودوارد” والتي التقطت أثناء تصوير فيلم “نوع جديد من الحب” 1963 للمخرج ميلفيل شافيلسون، وقد سبق للمهرجان أن كرمهما في نفس سنة زواجهما عام 1958.
ديلون مُكرماً
في نسخة هذا العام، يُكرّم المهرجان الممثل الفرنسي آلان ديلون؛ ويعرض له ضمن برنامج “كلاسيكيات كان” النسخة المرممة لفيلم “ظهيرة أرجوانية” (1960) من إخراج رينيه كليمون؛ وهو الفيلم الذي كان بمثابة انعطافة مهمة في مسيرة ديلون، قاده إلى تمثيل فيلم “روكو وأخوته” (1960) للمخرج لوكينو فيسكونتي.
ديلون اليوم في الـ77 من عمره، ويعيش في فرنسا؛ وقدّم للسينما أكثر من 100 فيلم ممثل و30 منتجاً و10 كتاب و3 أفلام مخرجة.
ضيفة شرف المهرجان ستكون الممثلة الأميركية كيم نوفاك، بمناسبة ترميم فيلم ألفريد هيتشكوك “فيرتيغو”، الذي اختير حسب استفتاء مجلة “سايت أند ساوند” البريطانية، الفيلم الأفضل على الإطلاق في تاريخ السينما العالمية، وذلك بعد عقود من احتلال فيلم الأميركي أورسون ويلز “المواطن كين” المرتبة الأولى.
نوفاك ستحضر عرض الفيلم المرمّم، وستشارك في حفل الختام بتوزيع إحدى جوائزه، فيما تحل الهند على هذه النسخة ضيفة شرف بمناسبة مئوية السينما الهندية؛ حيث يشارك وفد هندي كبير في حضور هذه المناسبة التي تحتفي بسينما جديرة بالاهتمام حقاً، وواحدة من أعلى الدول في الإنتاج، والثراء السينمائي.
غاتسبي العظيم
للمرّة الثانية يفتتح مهرجان كان بفيلم من إخراج باز لورمان، الأولى كانت في 2001 بفيلم “مولان روج” (الطاحونة الحمراء)؛ والثانية بفيلم “غاتسبي العظيم” الحافل بالنجوم أبرزهم لينارديو دي كابريو، توبي ماغواير، كاري موليغان، إيليزابيت ديبيكي، جويل إجيرتون، إيسلا فيشر، والممثل الهندي أميتاب باتشان.
والفيلم مقتبس عن رواية للكاتب إف سكوت فيتزجيرالد، ويتابع “نيك كاراوي” (ماغواير) الذي يرغب في أن يُصبح كاتباً، فيغادر ميدويست إلى نيويورك عام 1922؛ في حقبة انعدمت فيها الأخلاقيات، وتألقت فيها موسيقى الجاز، وتجارة الأسهم. مطارداً حلمه الأميركي، ليسطر بعد دخوله التدريجي لعالم الأثرياء حكاية حول حب مستحيل؛ وأحلام ناقصة، وتراجيديا عالية، عاكساً صراعات عصرنا الحديث.
ولمن يعرف باز لورمان، وشاهد أفلامه “مولان روج” و”روميو جولييت”، سيدرك أنه أمام حالة مختلفة من التعاطي مع موضوع كلاسيكي، بأسلوب عصري متحرّر من القيود الزمنية، والشكلية، والمشهدية. فلورمان يصنع فيلم الأمس بأدوات اليوم، ويخلق مزيجاً متداخلاً من الأفكار في نسقٍ غرائبي، ينسجم مع نَفَس الجيل الشاب الذي يجد متعته في نجوم مثل دي كابريو.
إذا فنحن أمام اقتباس لرواية كلاسيكية بفيلم مصنوع بتقنية الأبعاد الثلاثة، يحمل في طياته الرومانسية والدراما في خلطة أخذت أكثر من 5 سنوات في التحقيق منذ الإعلان الأولي عن الفيلم في 2008.
علماً بأن هذا الفيلم قد بدأ عرضه في صالات شمال أميركا منذ 10 الجاري، غير آبه بافتتاح مهرجان كان لعرضه للمرة الأولى عالمياً.
حضور خجول للسينما العربية
هذا العام تحضر السينما العربية في “كان” على استحياء، في مواقع وأقسام مهمة من برامج المهرجان الرئيسية، فيما تغيب عن أقسام “نصف شهر المخرجين” و”أسبوع النقاد”.
ففي المسابقة الرسمية يُشارك التونسي عبد اللطيف كشيش لأوّل مرّة بفيلم “الأزرق هو أدفأ الألوان”، ويدور حول “أديل” فتاة في الـ15، تنقلب حياتها كلياً عندما تلتقي “إيما” الشابة ذات العينين الزرقاوين، والتي تزجّها في عوالم النسوة والبالغات، لتنمو “أديل”، وتبحث عن نفسها التي تخسرها لتعود وتعثر عليها مجدداً.
أما في قسم “نظرة خاصة” فيُشارك فيلمين؛ الأول هو “عمر” للفلسطيني هاني أبو أسعد في عودة جديدة بعد غياب طويل منذ رائعته “الجنة الآن”، تخلله فيلم أميركي الصنع والنكهة بعنوان “الساعي”.
نتابع في فيلم “عمر” (آدم بكري) الذي اعتاد زيارة حبيبته “نادية” (ليم لباني) سراً على عبور الجدار الفاصل لتفادي رصاص المراقبة؛ غير أن فلسطين المحتلّة لا تعرف حباً بسيطاً أو حرباً واضحة المعالم.
وعلى الجانب الآخر من الجدار، يصبح الشاب “عمر” مناضلاً لأجل الحرية، مواجهاً خيارات شائكة في الحياة، وعندما يتم القبض عليه بعد مقاومة شرسة، يقع في لعبة سقيمة مع الشرطة العسكرية، وتنتابه الشكوك ومشاعر الخيانة تجاه الثقة التي أولاها لأصدقاء الطفولة المتواطئين “أمجد” (سامر بشارات)، و”طارق” (إياد حوراني) شقيق نادية، هنا تتمزّق مشاعر عمر كما المشهد الفلسطيني، ولكنه سرعان ما يدرك أن كل ما يفعله هو لأجل عشقه لنادية.
المشاركة الثانية تتمثل في فيلم “أرض الفلفل الحلو” للمخرج العراقي الكردي هونير سليم، وفي فيلمه نتابع “باران” (أرسلان كوركماز)، بطل من حرب الاستقلال الكردية، هو عمدة العاصمة أربيل، ويفكّر في ترك عمله الشرطي، ليتمركز في وادٍ صغير على الحدود المتاخمة لإيران وتركيا والعراق.
والتي يغيب عنها القانون، وتنشط فيها كل أنواع المحرمات، يحكمها زعيم القرية الفاسد “الآغا عزي” ويُصبح مصدر إزعاج حينما يرفض “باران” طاعته في مخططاته، في الأثناء يلتقي “باران” بمدرسة القرية “غوفند” (غولشفته فرحاني) المرفوضة من سكان القرية وتواجه مصاعب كونها عزباء، لتقاسمه الأفكار والآراء، ليواجها معاً سكان القرية وحاكمها.
وفي مسابقة الفيلم القصير، يُشارك فيلم فلسطيني آخر بعنوان “كوندوم ليد” من إخراج أحمد ومحمد أبو ناصر الشهيرين بـ”الأخوة طرزان”، باستثناء ذلك، تتوزّع المشاركات العربية في النشاطات المصاحبة الأخرى، وفي سوق كان السينمائي.
زولو ختاماً
فيلم “زولو” وهو الرابع للمخرج جيروم سيل، سيكون مسك ختام المهرجان، وتعد هذه هي المشاركة الأولى لسيل في المهرجان.
“زولو” من إنتاج فرنسي جنوب إفريقي مشترك، ويدور حول “علي نيومان” (فوريست ويتاكر) الذي نجا في طفولته وأمه من عملية قتل خططها الحزب السياسي العسكري “إنكاتا” الذي خاض حرباً معلنة مع “المؤتمر الوطني الإفريقي”. وكما كافة الناجين، ظل علي يُعاني من ندوب نفسية غائرة.
اليوم، يرأس علي قسم الجنايات في شرطة جنوب إفريقيا، فرع “كيب تاون”. أحد موظفيه هو “بريان إبكين” (أورلاندو بلوم) الضابط الأبيض الذي ساهمت عائلته في تأسيس حركة الفصل العنصري، وهو متوافق مع علي الآن.
اختفاء
في قسم عُروض خاصة؛ كان من المفترض أن يُشارك المغربي محمد حميدي بفيلم “وطن” للمرة الأولى في المهرجان، غير أنه اختفى فجأة من برنامج المهرجان دون أي سببٍ واضح.
___________
*(البيان)