كطيف في المرايا


لارا طماش *


و التقي بك هناك بين جبالي و تلالي و زرعي الاخضر، قليل من الفرح كثير من الحزن ..هذا هو القدر يا سيدي،اركض بلا توقف و يداي مفتوحتان تضمان العشب المزروع في صدرك و اتخاطف كل تلك العطور المتناثره في مساء ضمك ليتجلى بنا الصبح على مهل.
حين تفتحت عيناي على دنيا النور كانت نظراتي صغيرة بيضاء لا تحمل شيئا الا لحظة اللحظة دون الغد،في حدائقي زرعت تلابيب الحب و انهمرت السماء املا بغد قادم من نور الشمس،وحين مشيت و خطوت اولى خطواتي كان الفرح يتربص بي بضحكة فقلت لابأس بقليل من الحزن لكن لن اقبل بيأس و بقيت اركض لاشعل قناديل الروح على شوارع الحياة وعند كل منعطف كسرت الوجع بابتسامه، فرايته يدمي المارين بدمع و حزن.
كم تأملتهم حينما كانوا يشعلون سجائرهم و كنت اعلم انهم يحرقون الذكريات بنارها و كلما تعاظم الدخان و انتشر كنت افهم ايضا ان في القلب ماهو اكثر بل اكثر.
وفي ليلة فكرت ان احرق ذاكرتي كأني مثلي مثلهم فاحترق اصبع العطر الذي مدني بجدائل انفاس الوقت و فككتني الحكايا وبعثَرت صرخات الورق وانتشى الليل اخيرا فرحا بي و قهقهات دمعات الشمعات سائلة من بعيد فوق شريان الحياة، و كأن العمر قلاع وتلاشت بين كثبان الوقت بل هوت الى حد اختناق النبض وجاء الحلم اخرس اعرج.
لا تحزن سيد القلم ان اكثر الاحلام بهاء و اغراء الاحلام العرجاء اعلمت يوما لماذا ؟؟ لانها لا تتحقق لذا تدوم للابد ! لذا انا بخير حين يأتي اللحن ترتيله صباح ماطر ليؤكد لي ان قدميّ لا تزالان تلامسان الارض. فأكثر الامال خطورة هي تلك التي تشعرنا بالطيران،لانها زائفه،ظلمها ضارب في الجذور،عشرون،خمسون..سبعون.. مئة عام مضت..ربما اكثر بل اكثر!
وجولة تلو جوله،و همس فضائل قلبي و سلامه و استسلامه كان ارضي الوسيعه الضيقه تشد على اضلعي تنهش في صدري و تقبض على الغرابه،ففك قيودي والحق بخيلي السارح الى ارض الفناء،أعرفت؟ كذبة مهتره كل الضحكات التي ترنحت في صور بدونك،كأني قادمة من دفن جسد المستقبل حالمة في لحظتي متمسكه بخيوطها الضعيفه كورقه جرح ما اندمل!
اركن في المساء واتذكرك يتلون مزاجي بمساء فصلك،اذبح النداء و انتظر صعودك في سقف غرفتي فأتبعثر من الشتات، انت من ابناء الصباح،وفي قلبي اشتياق،وفي داخلي بحر هائج يرتجي عناق لهداة الفجر في الصلاة،أسمع دقات قلبك وهي تبحث عنك هنا في السطور..فتقدم لا تخف،خذني عني مني.

* إعلامية من الاردن
* الدستور 

شاهد أيضاً

الكاتب والكِتابة وأثر فيرتر

(ثقافات)  الكاتب والكِتابة وأثر فيرتر مصطفى الحمداوي يقول أومبرتو إيكو بإصرار لافت للانتباه: “لطالما افترضتُ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *