محمد علي شمس الدين
بيرق I
(1)
لجمالِ وجهِكَ نجمةُ الإصباحِ
تطلع من سُجوف الليلِ
أرهقها الجوى
وأوحشها سكونُ الليلْ
(2)
ولهُ حدائق بابلَ الخضراء
فاجأ صرحَها الطوفانُ
فاندثَرتْ
ولم يسلم لوجهِكَ
غيرُ وجهِ الماءْ
(3)
فاهدأ قليلاً
كي تمرَّ سحابةُ الأيامِ
خلفَ سريركَ الوضّاء
(4)
ولعلّ مملكةً تهاجرُ
كي ترى في الشرقِ
صورة وجهِكَ المحفورِ
فوق خزائن الأبنوسِ والمُرّانْ
(5)
تأتي من اليمنِ السعيدِ
يقودها جِنُّ
ويرقب خطوها جِنُّ
إلى حيث الغزالُ
ينامُ على يمينك نومة المُرّانْ
(6)
ولعلّ هذا الطفلَ
يجذبه إليكَ شرودُهُ
فيجيءُ منكسرَ الجناحِ
ليستريحَ دقيقةً في الرملِ
ثم يعود
كي يستأنفَ البحثَ المعذّبَ عنكَ
في الصحراء
(7)
بيني وبينكَ نصفُ ثانيةٍ
لأقطعها
سيلزم أن تكون الأرض خاويةً
ويلزم أن تقومَ قيامةُ الأشياءْ
بيرق II
صاعداً من ياءِ «ياسينَ» إلى ميمِ «محمّد» أخذتني نشوةُ الحالِ قليلاً فسكرتُ وسألتُ الشاربَ الساقي: علامَ الانتظار؟ صُبَّها قبلَ طلوع الفجر سبعاً واسقنيها قبلَ أن يكشفنا ضوء النهارْ
بيرق III
(1)
لم يَزَلْ في الكأسِ قطرة
فاغتنمها
أيها السٍبط الإلهيُّ الجميلْ
(2)
سابحٌ مُهرَكَ في الريحِ
كما يسبح طفل في الفرات
دمه يمتدُّ من طعنة قابيلَ
إلى جذع النخيلْ
فاغتنمْها
أيها الطفل السماويّ النبيلْ
(3)
ولكَ الآنَ على الريح بيارقْ
وعلى الهجرة زاد للرحيلْ
ولكَ الآن بأنْ تختار هذا المجدَ
بين الصيحة الكبرى
وبين المستحيلْ
فاغتنمْها
يا ابن أختي
يا أبي
يا سيّدي
بيرق IV
(1)
لتُغَنّي
تفتحُ العينَ على فجرٍ قريبْ
وأنا أسألُ: من أينَ يجيءُ الصوتُ
كي يحملَ من عاشوا
ومن ماتوا
إلى جفن السماءْ؟
صوتُها الطالعُ في الفجر قيامه
فتأهّبْ يا «محمّدْ»
(2)
تغمض الجفنَ على الوادي
إذا راحت تُغَنّي
إنّ ما يهبط نحو القاعِ
لا يرجعُ
والوادي عميقْ
فتهيّأْ للصدى
أو فاحتضنّي
واقتربْ منّي قليلاً يا «محمّد»
(3)
تطلق الصوتَ إلى أعلى
كسهمِ الأبديّهْ
ربّما سكر الراوي
وقال الساحر المفتون بالصوت أمانا
ولعلّ الريح في السهلِ
على أفراسها راحتْ تُغَنّي
وتناديكَ
فخُذْ ما شئتَ
واصعدْ
يا «محمّدْ»
بيرق V
(1)
في ما تجاوزَ هذا الليلَ
شمسُ ضُحىً
كالماءِ
والنارِ
يُفنيها
وتُفنيهِ
تسقيهِ من يدها
كأساً فتصرعه
وحين تشربُ
كأساً منه
تُحييهِ
(2)
مدّتْ إلى الغصنِ
كفّاً
في أناملها
مسَّ من اللهبِ
المخبوءِ
في الشَجَرِ
فأشعلت قلبَه
حتّى
كأنّ بِهِ
ما كانَ أودعه
فيها
من الشررِ
(3)
هذا أنا
لستُ ثلجاً
كي يُضاءَ بهِ
رأسُ الجبالِ
ولا
كهفُ الأعاصيرِ
لكنني
فِتنةُ المفتونِ
يصلبه
هذا البياضُ
على جذعِ الأساطير