*
يقال إن الرجال هم سادة العالم والنساء يتبعن الحركة. الكاتبة والصحافية الأميركية، حنّه روزن، تؤكد أن منعطفاً كبيراً حدث في السنوات الأخيرة، وبدأت المعادلة بين الجنسين، تميل لصالح المرأة. هذا ما تشرحه في كتابها «نهاية الرجل.. وصعود المرأة» وتبين المؤلفة فيه، أن المرأة هي في صدد الانتصار في المعركة، من أجل قيادة المجتمع في العالم الغربي عامة. وتدعم رأيها ذلك، ببيانات عدد من الإحصاءات والدراسات المتنوّعة.
يتمثل المحور الرئيسي الذي تدور حوله تحليلات الكتاب، في أن التاريخ يشهد منعطفاً كبيراً. والمنعطف المقصود، يخص دور المرأة في المجتمعات الغربية خاصّة، ومختلف المجتمعات عامّة. فهكذا مثلاً أصبحت النساء في بريطانيا، يشغلن منذ عام 2010، نصف الأعمال، بالتقاسيم مع الرجال. ومقابل كل شابين يحصلان على الشهادة الثانوية في الولايات المتحدة الأميركية.
هناك ثلاث شابات يحصلن على الشهادة ذاتها. كما أن عدد الطالبات في المدارس الإعدادية والثانوية والمدارس الفنية (المهنية)، يتفوّق على عدد الطلّاب. وتلفت المؤلفة هنا، إلى أن دخل العاملات الشابات في الولايات المتحدة الأميركية، يفوق دخل الشباب، في غالبية ميادين العمل.
موضحة أنه على جميع الصعد تقريباً، غدت تبرهن النساء على أنهن أكثر كفاءة وقدرة على التأقلم مع سوق العمل التي تعطي الأولوية للأكثر كفاءة والأكثر ذكاءً. وهذا كله في إطار عالم جعله التقدم العلمي والتكنولوجي، خاصة في عصر الثورة الرقمية، أقل اعتماداً على العضلات مما كان عليه في المراحل السابقة من تطوره.
تشرح حنّة روزن، أن المرأة حققت خلال القرن الماضي إنجازات وكثيرة. وأظهرت مرونة كبيرة في التعامل مع أي مجال للعمل منفتح أمامها. لكنها إذا كانت قد حصلت على مكاسب جديدة، فإنها لم تتخلّ، أيضاً، عن القديمة. ذلك مهما زادت مسؤوليات العمل ومهام الحياة المنزلية. وبالمقابل، لم يتغيّر خلال القرن الماضي، الشيء الكثير في طريقة حياة الرجل أو في طموحاته الأساسية.
وتبين أن الكثير من المهن انتقلت من مجال عمل الرجل إلى مجال عمل المرأة، وليس هناك تقريباً أية أعمال انتقلت في الاتجاه المعاكس. ولكن كانت هناك تغيرات تجري على صعيد طبيعة العمل نفسها، فغالبية الرجال لم يعودوا يمارسون العمل ذاته، الذي يتطلب جهداً بدنياً كبيراً. وبرز الميل نحو ممارسة الأعمال المكتبية. وبالتوازي، فقدوا شيئاً فشيئاً، مكاسب التسلسل الهرمي القديم لمفهوم الرجولة، لكن من دون أن تظهر بوضوح، ملامح التسلسل الجديد.
وتقترح حنّة روزن قراءة أخرى للتاريخ القديم. وتؤكد في نهاية الكتاب، أننا نعيش اليوم بالفعل، في ظل منظومة تسود فيها المرأة أكثر فأكثر، أو على الأقل، أننا لسنا بعيدين عن سيادة مثل هذه المنظومة.
وتجد المؤلفة أحد المؤشرات على تقهقر دور وحضور الرجل، في كون الكثير من العاملين (الرجال) الأميركيين، يمضون يومهم أمام التلفزيون، بينما تقتنص نساؤهم، على العكس منهم، الفرص المقدمة بوساطة التغيرات الاقتصادية التي عرفتها السنوات الأخيرة.
والنتيجة أنه ليس مصادفة أن عدد العاملات الأميركيات تجاوز للمرّة الأولى في التاريخ، عام 2009، عدد العاملين الأميركيين.. وتدل إحصائية في واشنطن، أن 64 بالمائة ممن يقومون بإعالة الأسرة، من النساء. تكتب المؤلفة: «إن الاقتصاد الأميركي يصبح مؤنّثاً أكثر فأكثر».
ومن الإحصاءات الأخرى، ذات الدلالة، التي تذكرها المؤلفة، أن 80 بالمائة من البرازيليات الحاصلات على شهادات جامعية، يتطلعن إلى شغل مناصب ذات مسؤولية، وأن غالبية أعضاء برلمان رواندا من النساء.
المؤلف في سطور
حنّة روزن. كاتبة وصحافية أميركية. خريجة جامعة ستانفورد. تعد دراسات في «مدرسة ستيفزنت العليا». تكتب في دوريات وصحف أميركية عدة. ترأس تحرير مجلة «أتلانتيك» وتعيش في واشنطن. وهذا هو كتابها الأول.
الكتاب: نهاية الرجل وصعود المرأة
المؤلف: حنّة روزن
الناشر: فايكنغ لندن 2012
الصفحات: صفحة
القطع: المتوسط
The end of men and the rise of women
Hanna Rosin
Viking ذ London ذ 2012
320 pp.
________
*(البيان)