حجر الشمس/أوكتافيو باث



ترجمها عن الإسبانية : محمّد محمّد الخطّابي*

(ثقافات) 

فى 19 أبريل (نيسان) الجاري تحلّ الذكرى الخامسة عشرة لرحيل الشّاعر المكسيكي الكبير أوكتافيو باث ، 
( 31 مارس(آذار) 1914 -19 أبريل 1998) ،الحاصل على نوبل فى الآداب 1990، ،بهذه المناسبة نقدّم للقارئ الكريم منتقيات من أكبر وأشهر قصائده وهي ” حجر الشمس” التي يقول عنها :”إنّها تنتهي من حيث تبدأ، وتبتدئ من حيث تنتهي”، أيّ أنّها وضعت على شكل دائري مثل حجر الشمس نفسه وهو تقويم أزتيكي . عدد أبيات القصيدة 584 بيتا وهو نفس عدد الأيّام التي يستغرقها كوكب الزّهرة ليتزامن مع الشمس ورحلة “كيتزالكواتل”إليها ( الإله الطائر الأفعوان الذي يغطّي جسمه الريش) حسب الأساطير المكسيكيّة القديمة، يقول فيها :
غصن بان من بلّور،شجر حور من ماء
فوّارة من ماء تقوّسها الرّياح 
شجرة راقصة ضاربة جذورها فى بطن الثّرى
إنسياب نهر ينحني ، يجري، يتراجع ، ينعطف 
ولكنه يصل أبدا. 
مشية هادئة، لنجمة أو ربيع
الماء بجفون مغلقة تتدفّق منه النبوءات 
حضور موحّد فى تموّجات 
لجّة تلو لجّة حتّى يغطّىّ كلّ شئ
هيمنة خضراء بدون غسق
لجناحين متوهّجين ينتشران فى كبد السماء
مشية بين الكثافات للأيّام الآتية المشؤومة
بريق الشقاء مثل طائر يذهل الغاب بشدوه 
والهناءات الوشيكة ما بين الأغصان المدلاّة 
ترتدين لون أمنياتي وكفكرتي تمشين عارية 
أمشي على عينيك، كما أمشي على الماء 
النّمر تشرب الأحلام من عينيك 
الطائر الطنّان يتلظّى بهما فى لهيبك
أمشي على جبهتك كما أمشي على القمر
كتابة من نار على وشم
شرخ فى الصّخرة، ملكة الأفاعي
عماد البحر، نبع الصّخرة
حبّة اليانسون،شويكة ، حارسة وادي الأموات،
زهرة البعث،عنب الحياة، سيّدة النّاي والبرق 
حديقة من ياسامين ،ملح فى الجرح 
باقة من ورد للمسوق إلى الرّدى 
كتابة الرّياح فى الصحراء
وصيّة شمس ،رمّانة ، سنبلة 
بقايا لهيب ،وجه مفترس، وجه مراهق مطارد
كلّ الأسماء هي إسم واحد، كل الوجوه، وجه واحد
كلّ القرون، لحظة واحدة، كل القرون، قرون
. لا تفسحي المستقبل لعينين
أجمع شتاتي واحدة واحدة 
أستمرّ فى مسيري بدون جسم،أبحث باللّمس
أبحث ولا أجد شيئا، أكتب وحيدا
يجنّ الليل ويمضي الحول
أهوي مع اللحظة ،أسقط إلى القعر
دون أن يراني أحد، أدوس على المرايا
التي تعكس صورتي المهشّمة
أطأ الأيّام ، أطأ اللحظات المنصرمة ،
أطأ أفكار ظلّي، أطأ ظلّي
ساعات الضّياء التي تنقر فيها الطيور
كالرّياح التي تغنّي للحريق
ونظرة تجعل العالم معلّقا
فى الفضاء ببحاره وجباله
جسم من ضياء مصفّى بالعقيق
سيقان من نور، بطن من نور،خلجان
صخرة شمسيّة ،جسم من لون السّحاب
من لون نهار مسرع واثب
السّاعة المتلألئة تغدو هيئة
العالم أصبح مرئيّا من خلال جسمك
شفافيته من شفافيتك،أمشي بين أروقة الاصوات
أنسكب بين حضورالصّدى والرّنين
أمشي على ثبج الشفافية كأعمى
يمحوني إنعكاس وأولد فى آخر
آه أيتها الغابة ذات الأعمدة المسحورة
تحت أقواس الضّياء ألج
ومن خلال ممرّات خريف شفّاف
نظراتي تغطّيك كلبلاب
أنت مدينة يحاصرها البّحر
جدار شرخته الضّياء
إلى شطرين فى لون الخوخ
بحثا عن هنيهة
ليس أمامي سوى لحظة واحدة
أنقذت هذه الليلة من حلم،من صور مجتمعة فى المنام
الزّمن فى الخارج مثلوم، يطرق أبواب روحي
العالم بتوقيتاته الدمويّة
هنيهة واحدة، بينما المدن
والأسماء والأذواق، وكلّ ما عشته
يتهشّم أمام جبهتي العمياء
بينما بؤس الليل وأكداره
تهين فكري وبنيتي
ودمي يجري أكثر بطئا
وأسناني تتراخى وعيوني
تتضبّب، والأيّام والسّنون
تتراكم أهوالها الجوفاء.
________________
* كاتب من المغرب يعيش في إسبانيا .

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *