*سميرة عوض
تواصل الفنانة منال النشاش صياغة وجوه الناس، وتشكيل أماكنهم بقطع خزفية شكلتها من طين أردني مجبول بروح منال الشفافة والمحلقة في خبايا الطين وفضاءات التشكيل.
ويبرز ولع الفنانة بالمكان والبيت عبر خزفياتها بألوانها الترابية والفيروزية التي تحمل دلالات ورموزا تصوغها الخزافة من واقع الأشياء قريبا من جوهر ‘أماكن’ مألوفة، و’شخصيات’ أليفة ومتحابة حينا، وحائرة ومختلفة حينا آخر، ومن هنا تأتي العناوين التي أطلقتها على أعمالها الخزفية (32 قطعة) مختلفة الأحجام والأشكال والألوان، التي تنوعت بين المعلقات، والصحون، والجرار أو ما يسمى ‘الفازات’ المبتكرة الأشكال، وهي: بداية الصمت، أنين الروح، الخروج من الوقت، الساكنين هناك، لنا نحن، خلف الشمس، خارج الإطار، وحدهم هناك، حروف، البحر الميت، هذا الحزن، خروج، أمومة، تاريخ الورود، حلم العاشقين، امرأة لا تتكرر، دمع يفرق المكان، وجع مرسوم، تلاقي، كنجمة صبح، الغلاف الأول، الغلاف الأخير، دائرة الإنسان، دائرة المكان، مكان مشرد، الحب لا يموت، ولو مرة في البال، حنايا، كلمات ترسم المكان، خروج من الأبجدية.
المعرض الذي افتتحه المهندس شحادة أبو هديب وعنوانه ‘أماكن وشخصيات’، مندوبا عن الشريفة زين الشرف بنت ناصر مؤخرا في قاعة رفيق اللحام/ منتدى الرواد، يشكل إضافة نوعية في مسيرة الفنانة النشاش، رسمت على مجموعة منها أبوابا وأقواسا إسلامية الطابع، عربية الملامح، وهو المعرض الشخصي الرابع عشر للفنانة، استخدمت فيه مقاطع من الشعر لشعراء معروفين، ومنهم: الشاعر الراحل محمود درويش الذي استخدمت أشعاره في ثلاثة أعمال، وهي على التوالي: ‘أموت اشتياقا/ أموت احتراقا/ وشنقا أموت/ وذبحا أموت/ ولكني لا أقول مضى حبنا وانقضى/ حبنا لا يموت’، وفي قطعة أخرى ‘قطار الساعة الواحدة/ رجل وامرأة يفترقان/ ينفضان الورد عن قلبيهما ينكسران… يخرج الظل من الظل/ يصيران ثلاثة/ رجلا وامرأة والوقت’، والثالثة ‘أرى ما أريده من الحب.. إني أرى خيولا ترقص سهرا وخمسين غيتارة تتنهد/ وسربا من النمل… أغمض عيني حتى أرى ظلنا خلف هذا المكان المشرد’.
ومن أشعار نزار قباني اختارت قصيدة ‘حافية القدمين’ و’عروسة السكر’، وهناك ثلاثة أعمال خزفية مستوحاة من رواية ‘رجال في الشمس’ ومقطع من رواية أم سعد لغسان كنفاني’، ومن أشعار مظفر النواب اختارت مقطعا يجسد حال الوطن العربي الآن وهو: ‘بدأ الصمت والطرقات الصغيرة حطت على كتفيها صبرنا والدموع المباركة كانت تضيء البيوت أمام الغروب العظيم، في الوطن العربي ترى انهار النفط تسيل لا تسأل عن سعر البرميل والدم أيضا مثل الأنهار يسيل، لا تسأل عن سعر البرميل والدمع يسيل وأشياء أخرى من كل مكان في الوطن العربي تسيل، لا تسأل عن سعر البرميل فلكل زمان تجار والسوق له لغة وأصول’.
وفي قطعة أخرى اختارت مقطعا من قصيدة للشاعر عبدالله رضوان تتحدث عن مدينة القدس الأسيرة ‘من ذاتي وتراكضت طربا/ قبائل أمتي بشحوب أسئلة وهجس رفاتي/ فكأنني الضليل يطلب ملكه/ والموت يطلبني بغير أناه/ فالقدس حلم العاشقين تكللت من لثم قبلتهم ومن صلواتي نار المنافي وجعه لا تنفضي ارق وزجر فتى وبيع سراتي’.
وتشير التشكيلية والخزافة منال النشاش الى أن مشاركتها في الصين في العام 2012 تمثلت من خلال مشاركتها في سمبوزيوم ومؤتمر النحت الدولي الصيني الثالث وكانت المشاركة العربية الوحيدة بين 112 فنانا من العالم، مؤكدة أن ‘المشاركات الخارجية مهمة للفنان لأنها تتيح له الاطلاع على تجارب في أماكن مختلفة، وأجواء وظروف مختلفة عن الأماكن التي يوجد فيها الفنان، وبحكم اطلاعه على تجارب جديدة تزيد تجربته قوة وثقة، فالمشاركات تساعد في صقل التجربة واكتساب خبرات جديدة تنعكس إيجابا على أسلوبه .
وتحمل الخزافة منال النشاش التي ابتدأت تجربتها مع الخزف منذ سنوات طويلة وكانت المحطة الأولى في مجال الخزف التراثي كحرفة تقليدية، مما مكنها من التعامل مع الطين والألوان والحرق، وأصبح لديها إلمام بمادة الخزف ومن ثم الانطلاق والإبحار في عالم التشكيل والنحت الخزفي، وهي تحمل دبلوم كمبيوتر، دبلوم خط عربي، دبلوم خزف، دبلوم إدارة الجمعيات السياحية، رئيسة قسم التصميم والتنفيذ في بيت البوادي، مدرسة خزف ونحت، ونائبة رئيس جمعية صناع الحرف التقليدية، عضو جمعية البلقاء للفنون التشكيلية، أقامت عددا من المعارض الشخصية والجماعية
________
* (القدس العربي)