*
قال علماء الآثار المصرية إن الفراعنة قد عرفوا فن التمثيل قبل أكثر من 3500 سنة، لافتين إلى أنها تنقسم إلى الدراما الطقسية والدراما الدينية. وأكدوا أن الرسوم والنقوش الفرعونية المختلفة تؤكد أن توم وجيري من إبداع الفراعنة.
مع انتهاء فعاليات مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية، التي بدأت يوم الاثنين الماضي بمشاركة 37 دولة عرضت 151 فيلماً، استعادت ذاكرة الأثريين المصريين صوراً ومشاهد فنية سجلتها رسوم ونقوش أجدادهم الفراعنة على معابدهم وجدران مقابرهم.
وتشير هذه الصور والمشاهد إلى أن الأقصر وغيرها من مدن مصر التاريخية عرفت فنون التمثيل، كما عرفت مغامرات توم وجيري قبل آلاف السنين. كما استعادوا أهم محطات ربطت مصر الفرعونية بأفريقيا السمراء قبل أكثر من 3500 عام، حيث قال عالم المصريات والمدير العام لآثار الأقصر ومصر العليا الدكتور منصور بريك إن المصريين القدماء عرفوا فنون التمثيل قبل أكثر من ثلاثة آلاف عام، وإن عشرات الشواهد التاريخية في أبيدوس والأقصر وادفو تدل على ذلك.
وأضاف بريك أن المصريين القدماء عرفوا نوعين من الدراما هما “الحفلات الطقسية” و”الدراما الدينية” وكانت الحفلات الطقسية يقيمها الكهنة في المعابد. وأوضح أن كهنة مصر القديمة أنشئوا مدارس لتعليم الرقص تابعة للمعابد، وأن الرقص عند قدماء المصريين كان يوظف درامياً، وهو أمر سبقت به مصر دول العالم في هذا المجال.
وذكر أن الخلفية التاريخية لظهور المسرح في مصر القديمة كان في معبد أوزوريس، وأن أحداث أول عمل مسرحي في مصر الفرعونية كان يقوم حول مقتل وعودة اوزيريس إلى الحياة. وأشار إلى أن “مصر ارتبطت بأفريقيا تاريخياً وحضارياً منذ آلاف السنين، فقد جاء النيل إلى مصر من قلب القارة السمراء حاملاً معه مفردات الحياة التي تتمثل في المياه والطمي، والذي على أساسهما قامت الحضارة المصرية القديمة حتى يمكن القول إن المصريين هم نبت هذا النيل العظيم وحملت مصر آنذاك مشعل الحضارة إلى الأرض السمراء مع التجار في فجر التاريخ المكتوب”.
-قصة القط والفأر توم وجيري من إبداع الفراعنة:
وأشار بريك إلى أن مصر أقامت علاقات تجارية وثقافية ودبلوماسية في مناطق متعددة من ممالك القارة الإفريقية وقد تأكد هذا الأثر مراراً على محور البحر الأحمر منذ رحلات الفراعنة إلي بلاد بونت. وأوضح أن تأثير حضارة مصر القديمة امتد إلى معظم القارة الإفريقية خارج حوض النيل، على ثلاثة محاور هي “محور النيل” ثم “أودية الصحراء الشرقية” و”طرق قوافل الصحراء الغربية”. كما وصل الإشعاع الحضاري المصري إلى محور الصحراء الكبرى، حيث وجدت أدلة علي المؤثرات الحضارية المادية والثقافية بين “القبائل النيلوتية” في أعالي النيل وبين بعض قبائل نيجيريا وغرب إفريقيا.
وقال عالم المصريات والمدير العام لآثار الأقصر ومصر إنه “يكفي تعبيراً عن هذا الأثر أن كل مستكشفي شمال القارة من الأوروبيين في القرنين أو الثلاثة قرون الماضية سجلوا دهشتهم لأنهم وجدوا ذكر مصر وهيبتها في كل مكان وصلوا إليه في تلك الأعماق الإفريقية”.
من ناحية أخرى، قالت عالمة الآثار المصرية منى فتح الله إن “ما تركه الفراعنة من رسوم ونقوش ونصوص وبرديات ترصد معرفة قدماء المصريين بتوم وجيري قبل أكثر من 3300 سنة”. وأضافت أن النزاع بين القط والفأر كان موضوعاً عاماً للأدب الشعبي في تلك الفترة حيث عثر على العديد من الصور المرسومة على ” الاوستراكا ” وعلى أوراق البردي بشكل تهكمي ومكتوب عليها “تصبح القطة عبدة لدى مدام فأرة” ويهاجم جيش من الفئران فرقة القطط المسكينة المحبوسة في قلعة وأن علماء المصريات يرجعون أول ظهور لرسم كاريكاتيري للقط والفأر إلى حوالي عام 1300 قبل الميلاد.
وأشارت فتح الله إلى أن “قدماء المصريين رمزوا لنزاع القط والفأر بصراع الملك والشعب، فكان يرمز بالقط إلى الملك وكان يرمز بالفأر إلى الشعب. لكن الفأر النحيل الجسد في قصص وصور المصريين القدماء كان هو المنتصر دائماً، إذ كانت القصص الشعبية الفرعونية تنتهي دائماً بنهاية سعيدة وبانتصار الحق على الباطل”.
__________
*d.w