كثرة الصحافيات: رفع ظلم أم تأنيث للمهنة؟




*محمد علي صالح -واشنطن

الأسبوع الماضي، بعد مهرجان جوائز «أوسكار» للأفلام السينمائية، عاد نقاش قديم إلى الصدارة، عن تأثير حركة تحرير المرأة على الإعلام. في جانب، قالت صحافيات إن المهرجان كانت فيه إساءات، مباشرة وغير مباشرة (لكن أكثرها غير مباشر)، للمرأة. وفي جانب، قال صحافيون إن الصحافيات يبالغن في تصوير أشياء صغيرة وعابرة بأنها دليل على عدم احترامهن، أو احتقارهن.

وحسب مركز «وومان إن ميديا» (المرأة في الإعلام)، في نيويورك، فإن هذا بعض ما قال إنه «إساءات للمرأة» خلال المهرجان:
أولا: أذيعت أغنية «أرى نهديك» في ميكرفونات المهرجان.
ثانيا: قال نجم سينمائي إن الممثلة جنيفر أنيستون «ستريبر» (ترقص بينما تخلع قطع ملابسها واحدة بعد الأخرى).
ثالثا: قال مخرج سينمائي إنه ليس معجبا بالممثلة كيم كارداشيان لأن «عندها شارب تحلقه كل صباح».
رابعا: انتقد آخر الممثلة جيسيكا جاستين، بطلة فيلم «ثلاثون دقيقة بعد منتصف الليل» (عن قتل أسامة بن لادن)، وبدلا من أن يقول إنها تصور المرأة البطلة، قال إنها تصور المرأة الملحاحة (التي تكثر من الأسئلة).
كانت أغلبية تعقيبات صحافيين على هذه «الإساءات» بأنها «مجرد نكت»، وأن الصحافيات «مصابات بعقدة نقص».
صور هذا النقاش صراعا (أو منافسة) منذ أكثر من خمسين سنة (لكنه زاد خلال السنوات العشرين الأخيرة) بين الصحافيين والصحافيات، بعد أن بدأن يدخلن مجال الإعلام زرافات ووحدانا.
غير أن اتهامات إساءة الرجال للنساء، واستغلال جسد المرأة في الأفلام والمسلسلات التلفزيونية والإعلانات، وفي الصور الإخبارية اليومية، ليست إلا قمة جبل جليد تظهر على السطح، لكنها تخفي صراعا في كل المكاتب وأماكن العمل، بعد أن دخلت المرأة كل مجال رجالي تقريبا، خاصة بسبب تأثير الصحافيات على رسالة الإعلام، وعلى المجتمع.
عن تأثير الصحافيات المتزايد، جاء في كتاب «وومان.. فيمينيزم.. ميديا» (النساء، والأنوثة، والإعلام) «يجب علينا (الأنثويات) ملاحظة الفرق بين استغلال المرأة في الأخبار والأفلام والمسلسلات، وقلة المرأة التي تنقل هذه الأخبار وتنتج هذه الأفلام والمسلسلات». وقال الكتاب إن الحل هو زيادة الصحافيات (والمخرجات) ليقدرن على تقليل تأثير الرجال في عكس صورة المرأة.
وتحدث الكتاب عن «الديمقراطية الإعلامية»، إشارة إلى نقطتين:
أولا: المساواة بين الصحافيين والصحافيات في نقل وتقديم الأخبار.
ثانيا: تخفيض سيطرة الرجال الناشرين والطابعين والموزعين.
غير أن كتاب «نيوز كالشر» (ثقافة الأخبار) الذي يتحدث عن تأثير الإعلام على الثقافة، يقول إن مشكلة الصحافيات هي أنهن يردن «نقل الأخبار في جدية»، وفي الوقت نفسه يردن «أن يتجملن». وأيضا «تزيد الأخبار العاطفية في نشرة أخبار المساء في التلفزيون عندما تقدمها مذيعة»، وأيضا «ما دام المذيع يريد أن يكون صارما، والمذيعة تريد أن تكون لطيفة، كيف تتحقق المساواة؟».
غير أن صحافيات يقلن إن هذا الرأي هو أساس المشكلة، لأنه رأي رجالي عن موضوع نسائي.
وقالت جنيفر بوزنار، مديرة مركز «وومان إن ميديا آند نيوز» (المرأة في الإعلام والأخبار) إن الإعلام الرئيسي (الصحف والقنوات والإذاعات الرئيسية، لا التي تتحدث بأسماء أقليات عرقية أو دينية أو وطنية) «لا يفهم فهما كاملا قضايا المرأة. يعتقد أن المرأة تهتم فقط بالبيت، والعائلة، والاغتصاب، والإجهاض، لا بقضايا العدالة الاجتماعية، والإرهاب، والأزمة الاقتصادية». وقالت «تسعون في المائة من العاملين في مصانع صناعة الملابس في العالم، وأغلبيتها في دول العالم الثالث، نساء وبنات. لكن، متى أرسلت صحيفة (واشنطن بوست) صحافيا، ناهيك عن صحافية، إلى مصنع ملابس في بنغلاديش؟ ومتى أرسل تلفزيون (إيه بي سي) فرقة تصوير من مصورين، ناهيك عن مصورات، إلى مصنع ملابس في نيكاراغوا؟».
ورغم أن بوزنار اعترفت بزيادة عدد الصحافيات في الصحف والتلفزيونات الرئيسية الأميركية، فقد قالت إنهن يركزن على قضايا مثل: الصحة، الأطفال، الأكل، الأزياء. وقالت «نعم، يقدم التلفزيون خبيرات، ولكن في ماذا؟ في المواضيع النسائية».
وقالت إن الصحافيين لا يسيطرون فقط على ما ينشر وما يكتب، ولكن، أيضا، على أن يكون من وجهة نظر رجالية. وأشارت إلى عاصفة هبت قبل خمس سنوات، عندما ترشحت هيلاري كلينتون ضد باراك أوباما لرئاسة الجمهورية باسم الحزب الديمقراطي. وقالت إن صحافيين سألوا كلينتون «هل تعتقدين أن مظهرك جزء من دعايتك الانتخابية؟ ألا تلبسين ما يعجب الناس ليصوتوا لك؟». وأشارت إلى إحصائية بأن 52 في المائة من الشعب الأميركي نساء، وأن 45 في المائة من الذين يكتبون آراء في الإنترنت نساء. وقالت «لكنهن يركزن على الزوج، والبوي فرند، وآخر موضة، ووصفة إعداد طعام». وقالت، وكأنها تناقض نفسها، أو تكرر ظاهرة طبيعية «بينما تتبادل النساء روابط الإنترنت بصرف النظر عما إذا كان كتبها رجل أو امرأة، يتبادل الرجال روابط كتبها رجال».
______________
* (الشرق الأوسط)

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *