* عامر علي الشقيري
ما إن أفرغ من التقطيب في مكان حتى أكتشف أن ثقباً جديداً وُلد للتو أو رقعة أخرى ارتخى خيطها أو انقطع، فأسارع للتقطيب هناك.. هكذا وعلى هذا النحو.. تبدو الحياة مستورة، لكنها ليست جميلة.. ليست جميلة على الإطلاق !
* * *
مرآة البيت تشطر كتفي اليمنى إلى نصفين غير متساويين، عدا أنها تُظهر عيوب الجسد بحرص شديد.. مرايا المول تظهرني وسيماً رشيقاً بأقل العيوب.. سأقترح عليهم كتابة: الأجسام الظاهرة في المرآة تبدو أجمل مما هي عليه في الواقع!.
* * *
مضطرباً تجوّلت في الحارة هذا الصباح… أشعلت ثلاث سجائر متتالية.. لم أنتبه لتسريحة جارتي ولم أقل لها: صباح الخير قدر الإمكان!
لم يحدث ما يستحق ردة الفعل هذه، أقصد.. لم يكن قد مضى وقت كافٍ ليحدث ما هو غير متوقَّع في صباح عادي كهذا.. لكنني واصلت التأفف وواصلت التدخين وما زلت قلقاً من أمر ما قد يحدث في أيّ لحظة.
* * *
على الرصيف المقابل لدوار الشعب، طفلة تمسك بطرف خيط طويل وتقفز فرحةً بالبالون.. الأم تتوجس خيفةً من أمر ما.
أقول ممازحاً الأم: حاذري.. الطفلة ستطير في أيّ لحظة.
الطفلة تواصل القفز والبالون يرتفع عالياً، الأم تحتضن الطفلة.. تحملها بخوف وحرص شديدَين والطفلة تضحك بجنون لأنها ارتفعت هي الأخرى عن الأرض.. لكن هذه المرة وهي تمسك بخيطٍ ينتهي ببالون.
* * *
عيد الحب/ سأصطحب حبيبتي في جولة طويلة داخل مكة مول،
وسأكون متسامحاً وأجعله عيداً مختلفاً هذه المرة، إذ سأسمح لها بلمس كل ما تشتهيه نفسها من ألبسة وحقائبِ كَتِف !
* * *
ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮﺓ ﺃﻧﺴﺎﻩ، ﻭﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮّﺓ ﺃﺗﺼﻴّﺪ ﻣﺮﻭﺭ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ إلى ﺍﻟﺤﻤّﺎﻡ ﻷﻃﻠﺐ ﻣﻨﻪ: ﺃﻃﻔﺊ ﺿﻮﺀ ﺍﻟﻐﺮﻓﺔ كي أﻧﺎﻡ.
ﻟﻜﻨﻨﻲ ﻭﺣﻴﺪ ﺍﻵﻥ.. ﻟﻮ ﻳﻤﺮّ بي ﺃﺣﺪﻫﻢ، ﻭﻟﻮ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﺨﻄﺄ..
لأﻃﻠﺐ ﻣﻨﻪ: ﺃﻃﻔﺊ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﺸﺘﻌﻞ ﻓﻲ ﺭﺃﺳﻲ كي أنام.
* * *
أيّام بطاقات ألو كنت أقف مطوّلاً في الشارع داخل الكبينة وأنا أطلب الرقم تلو الآخر وأبقى صامتاً عندما يجيب الطرف الآخر… وتأتيني الردود..
رجل يكتفي بشتيمة ويغلق السماعة.. رجل آخر يتوعّدني.. امرأة صوتها يفيض أنوثة وتبقي على السماعة مفتوحة.. امرأة أخرى منهمكة بشيء (أعتقد بالطهي) وأكاد أشتمّ رائحة البصل عبر الهاتف! ولد يقول لي: أبي ليس هنا، ويقفل الخط… والمكالمة الأخيرة تكون على هاتفنا.. تجيب أمي وأسألها بصوت خشن عنّي..
أخبرها أنني مشتاق له، فترد عليّ بطيبة بالغة أنه ليس هنا وأن عليّ معاودة الاتصال في وقت لاحق لعلّي ألقاه !
* * *
اليوم تناقشت وجاري بأمر ديك الحارة الأخرى الذي يعتدي على شرف دجاجات حارتنا جهاراً نهاراً.. الديك الذي تجاوز كل الخطوط الحمر وبات يرعبنا نحن كبشر.
وتناقشنا أيضاً بأمر ديك حارتنا الذي يقيم مؤخراً في حاوية للقمامة، الديك المأزوم عديم المروءة.
وفي آخر الحديث اتفقنا أن نتدخل لنتخلّص من ذلك الديك وإلى الأبد..
ديك حارتنا أقصد !
* * *
خلعتُ حذائي المصنوع من جلد التمساح (أعرف أن بائع الأحذية يكذب)، دخلت البيت، خلعت قفازي المصنوع من جلد الماعز وحِزامي المصنوع من جلد الثعبان وقبعتي المصنوعة من جلد النمر…
ارتديت عباءة الفرو.
وجلست مع العائلة أتابع فيلماً وثائقياً عن عالم الحيوان.
وتطلبون مني آخر النهار أن أعاملكم بإنسانية!
_____________
* قاص من الأردن
عن (الرأي)