*فادي الطويل
كتابُ مراسلات أدبية جديد سيظهر هذا العام. حدثٌ مهم ستشهده الأوساط الثقافية الصيف القادم من خلال نشر كتاب يضم رسائل اثنين من أهم الأسماء الموجودة في عالم الأدب والثقافة: الأميركي بول أوستر، والجنوب افريقي (صاحب نوبل) جي.ام. كويتزي. رسائل تغوص في الكثير من الأفكار والقضايا التي تتراوح من الأبوّة إلى الفلسفة.
كاتبان كبيران، لكلّ منهما قراء كثر حول العالم. التقيا للمرة الأولى عام 2008. بعدها بفترة قصيرة، اقترح كويتزي على أوستر تجربةً يبدآن فيها مراسلات منتظمة، بغاية التواصل ضمن هذا النمط الإبداعي (المراسلات) وكي يحفزا بعضهما دائماً للاستمرار بالكتابة.
وهكذا كان، كاتبان عظيمان أصبحا «صديقين عظيمين» حسبما يكتب الناشر Faber الذي سينشر كتاب «هنا والآن» في أيار/مايو 2013. تسجيل لـ«حوار» عبر مراسلات تغطي فترة ثلاث سنوات بين كويتزي الذي استقر في أستراليا ونال جنسيتها عام 2006، وأوستر الذي يعيش في بروكلين/نيويورك.
صداقة الكتّاب
غطّت رسائل أوستر وكويتزي الكثير من المواضيع، تحادثا في الرياضة، مهرجانات الأفلام، الأخطاء الشخصية، السياسة، الأزمة المالية، الفن، الزواج، الحب والصداقة. إنها –حسب الناشر- صورة حميمية لذَينك الرجلين خلال سبرهما أغوار وتعقيدات قضايا تنتشر هنا والآن، وهي (الرسائل) «انعكاس لذهنين متوقدين تَظهر سعادة كل منهما بصداقة الآخر واضحة في كل صفحة». شهادة كبيرة على صداقة الكتّاب، وسيكون بوسع القارئ أن يختبر حميميّة الاطلاع على أفكار وذكريات كاتبين في قمة عطائهما، خارج السياق الإبداعي التخيلي الغني الذي يقدمه كلّ منهما في رواياته. تجربة لها رواجها الكبير في أوساط القراء الذين اعتادوا كتباً من هذا النوع مثل مراسلات «جان بول سارتر وألبير كامو أو «إرنست همنغواي» وجورجيا أوكيفي»، أو تلك بين «حنة أردنت وهاينريتش بلوشر» ضمن أمثلة أخرى كثيرة. مراسلات فيها كشف لتفاصيل وأغوار يتوق القارئ لمعرفتها.
أسلوب خاص
بالعودة إلى «هنا والآن»، الذي يجمع اسمَين كبيرين ليسا غريبين عن القارئ العربي الذي تسنّت له فرصة الاطلاع على العديد من الأعمال التي صدرت بكلّ منهما، و بترجمات مختلفة للنص نفسه في بعض الأحيان. فإن الاسم الأول «بول أوستر» هو من مواليد 3 فبراير1947 في نيوجرسي.
كاتبٌ صاحب أسلوب خاص يجمع العبثية بالوجودية والسرد البوليسي. لديه ميل كبير للأدب الأوروبي، الفرنسي بالتحديد ما حدا بالنقاد لاعتباره أكثر الأدباء الأميركيين «أوروبيّةً». يكتب بحرفية كبيرة ويمتلك خصوصية في رواياته ذات الحبكة المشوقة والبنية الفنية المتماسكة. تظهر في أدبه عدة تأثيرات يمكن تلخيصها بتيّاري التحليل النفسي اللاكاني، وحركة الترسندالية التي كان رائدها رالف والدو إيمرسون. كتب أولى رواياته بعنوان «لعبة حاسمة» 1982 باسم مستعار هو «بول بنجامين» وتعد «ثلاثية نيويورك» (مدينة زجاجية 1985/ أشباح 1986/ والغرفة المقفلة 1986) أكثر أعماله شهرةً وقوّة فنية.
نشر في السنوات الأخيرة روايات متتابعة كان آخرها: «رجل في الظلام» (2008)، «غير مرئي» (2009) و«سانسيت بارك» (2010). كتب، إلى جانب الرواية، العديد من الدواوين الشعرية والمسرحيات والسير الذاتية. نال جائزة الثقافة الفرنسية للأدب الأجنبي عن «ثلاثية نيويورك» عام 1989. في 2003 أصبح عضواً في الاكاديمية الأميركية للفنون والعلوم، ثم انتخب عام 2006 في الأكاديمية الأميركية للفنون و الآداب. في العام ذاته، 2006، نال جائزة أمير أستورياس الاسبانية للآداب.
ضد التمييز العنصري
أما الاسم الثاني فهو جون ماكسويل كويتزي (ج.م.كويتزي) المولود في كيب تاون في 9 فبراير 1940. كاتب، لغويّ، و مترجم كبير نال جائزة نوبل للأدب عام 2003 تقديراً لأعماله المتميزة بتركيبة مميزة غنية بالحوار والذكاء التحليلي ولمسيرته كمثقف وروائي انحاز للإنسان في وجه التمييز العنصري.
كما يُحسب له الفوز مرتين بجائزة بوكر المرموقة. عمل في المملكة المتحدة مبرمجاً للكومبيوتر واستفاد من تجربته تلك خلال كتابة روايته «الشباب» 2002. يتمتع كويتزي بتنظيم وصرامة شديدين في حياته اليومية المكرسة للأدب والابتعاد عن الأضواء التي هرب منها فلاحقته، إلى درجة أنه تغيّب عن استلام جائزة بوكر في المرتين اللتين أُعلن فيهما فوزه بالجائزة المرموقة. له عشرات الكتب الموزعة بين النقد والترجمة و السير الذاتية.
من أبرز رواياته «في انتظار البرابرة» (1980)، «حياة وأزمنة مايكل ك» (1983)، «خزي» (1999)، الرجل البطيء (2005) و«مفكرة عام سيىء» (2007) وستظهر له في مارس القادم رواية جديدة هي «طفولة يسوع».
_______________
(*) كاتب ومترجم سوري.
(القبس) الكويتية.