ثلاثة دروس


باولو كويلو


في الساعة الواحدة وخمس دقائق، من بعد ظهر الأول من يوليو، كان هناك رجل في الخمسين من عمره يركض على الواجهة البحرية في كوباكابانا. وألقيت نظرة عليه، بينما كنت أسير بجواره، ثم واصلت سيري إلى المقهى الذي أمضي إليه عادة، لشرب قدح من ماء جوز الهند. وباعتباري أحد سكان ريودو جانيرو، ومن الذين سافروا كثيراً، فلا بد أنني مررت بمثل هؤلاء الرجال والنسوة والأطفال، مئات بل ألوف المرات.

كنت بحاجة للعودة إلى البيت سريعاً، لأن لدي مقابلة مع جوان أرياس، من صحيفة “البايس” الإسبانية. وفي طريق عودتي، لاحظت أن الرجل لا يزال ممدداً في الشمس، وكل من يمر به يقوم على وجه الدقة، بما قمت أنا به، أي إلقاء نظرة عليه، ثم مواصلة السير.

وعلى الرغم من أنني لم أعرف ذلك، كانت روحي قد سئمت مشاهدة المنظر نفسه، مراراً وتكراراً. وعندما مررت بالرجل ثانية، جعلني شيء أقوى مني، أنحني وأحاول رفعه عالياً. لم يستجب الرجل لمحاولتي فأدرت رأسه ولاحظت وجود دماء على جبينه.. وفي تلك اللحظة، بدأ يتمتم: “جعلهم يتوقفون عن ضربي”.. أوقفت أول رجل مر بي، وطلبت منه مساعدتي. ثم التقيت في طريقي إلى المركز، رجلي شرطة. ورداً على طلبي مساعدة ذلك الرجل، أنهما سيتخذان بعض الخطوات في هذا الصدد.

وسرت عائداً إلى حيث كان رجلا الشرطة يقفان مقتنعاً بأنهما سيعرفان من أكون.. لم تكن لديهم أدنى فكرة عني.. هكذا بدا أن الموقف غدا يغير كل شيء في دواخلي. فهناك لحظات تشعر فيها فجأة، بالتحرر من كل الكوابح أو المخاوف. هناك لحظات تلمح فيها نوراً مختلفاً.. وفي كل الأحوال، مضى رجلا الشرطة معي، واستدعيا عربة إسعاف.

تأملت، في طريق عودتي إلى البيت، الدروس الثلاثة التي تعلمتها من تلك النزهة:

أ- أي شخص يمكن أن يتخلى عن التحرك، عندما يكون ذلك في مرحلة الرومانسية.

ب- هناك شخص على الدوام يقول لك: “الآن، فأنت بدأت الأمر وعليك أن تتمه”.

ج- يتمتع كل شخص بسلطة مسؤول، حين يكون مقتنعاً تماماً بما يفعله

 

( البيان )

شاهد أيضاً

في اليوم العالمي للشعر: كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !

(ثقافات) كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !  هذا ما قاله المكسيكيّ خُوسّيه بَاشِيكُو …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *