بسام جميل *
( ثقافات )
لم يكن سهلاً على أحد منا في ذلك اليوم أن يمنع قلبه من الخفقان المتسرع ولا أن يحيد بنظره عن الأمام الذي تملك وجده حد الهذيان بالحلم الحاضر على تلك الارض .
على مشارف فلسطين كان التحدي ، فأنجب زفراتنا صليات من نار رعب سكنت قلوبهم الهزيلة جبناً بالأصل .
لم ولن ننسى تلك اللحظات التي شعرنا بها بالحق في أن جذورنا تمكنت من فرض صلابتها على المعدن الغازي.!
أجراس العودة دقت يا “فيروز” .
الآتي لن يحيد مساره عن حيفا وغزة حتى أم الرشراش .
**
كاد أن يغمى علي من سرور الغبطة ، فلقد سرقوا آخر بذرة عقل في رأسي . وما كنت لأغضب ، فقد كانت تزعجني بأزيز صوتها الذي ما عرف الهدوء مرة .ثم انني من الآن فصاعداً لن أهتم بحلزونية المساحة الفارغة لتخفيف الصداع .
**
لا تعنيني كل هذه التفاصيل ، سرابك يقين إن آمنت بحركة أصبع .
**
قطرة ً قطرة سيصير نبضه بين يديكِ .، لا. لا ليس بخلاً بل هو تقمص لدموع أمس والتي ذرفها قلبكِ في غيابه.!
**
كلنا ذاكرة لا تجيد التمعن بحواشيها.!
**
خلف كل حرف من حروف اسمك يوجد متراس لجندي يتململ طوال ساعات حراسته . ، فيتسلى بناصية نقطة تكاد تهوي أسفل السطر ، يدخلها بثقب الإبرة الرفيعة ويعيد الكرة على رأس القلم فتتأهب لرمي نفسها على صدر الحرف المسنن .
تمله فيملها ، ثم يرتميان معاً ليعودا كما الرقيب الغافل لرصد المدى.
**
من أراد أن يسمع النداء ، عليه ان ينصت لصوت الحرف قبل طباعته من شاء شاء، ومن ..
**
سنرى يوماً ما ذلك الشارد من عصا فير الوقت ، حين ظن الحضور ذات أمسية “مارقة” أن نشوة الرقص تقضي أن نحيل الوسط المتوسط ساحة البحر إلى أهزوجة الشرذمة الشهية . فتتبخر بعد كل وصلة الزفرات المتصاعدة من حريق الصدر ، وسنرى ذلك الشارد حين يأتي موعد الفجر عائداً بخيبة ومتأخراً على موعد نسيه طويلا .
**
تصفحت ما استطعت من حروف سطرتها على زوايا الحلم .
وتابعت كل سطر كأنني أخطو صعوداً دون أن يشعر بي حدسي الغافي على وهن البصيرة .
رأيت ما تعودت رؤياه من سرد يعلق روحي كشماعة تأبى أن لا تحمل كل فيض من هناك.!
يبدو علي الجلد و أكاد لا أميز صبره .
في طوفي ظهر ما لم يحتمله القلب ! لا أدري أهو القلب وحده فقط ؟
شيء ما كاد أن يحيلني لحريق ، لا تجيد أسره كي يخمد.!
قالت وهي تتلعثم بلهجتها ، اللهجة ذاتها التي اضعناها نحن في دروب بعيدة ومعتمة : “بخجل قدام كل فلسطيني مهجر” و ” مش قادر يشوف بلاده ، وانا بيها اصول واجول “: واضافت ” يا ريتني بقدر اشاركهم عيوني ” “وفرجيهم قديه حلوه وقديه مشتاقه و بتستنى بأهلها ليرجعوا” ! .
هو نص أيقظ ألف خابية ، وأوقد ألف ألف صرخة كتمت مرغمة ، لان بعض من حولي كانوا نيا ما لعلهم يستمتعون بحلم في سهول ذلك الذي الفنا تسميته بالوطن ! .
سقط ما شاء من دمع فداءٌ لنفسي المقهورة ، والصمت صمت ثقيل وكثير .
شكراً .
شكرا لمنى قشوع .
**
لمن تبقي الدم الرعاف ..
وحده لن يكون جاداً في السيل المخضب
فتمهل .
تكهن بأحدهم في عرف ليل قد أتى .
سيسألك أن لا تتخيل . فقط تكهن .
لصوابك معناه في النزف الغريق ، كأنك حفظت مساره بفوضى الحريق.
**
محطات أم محطة ..هل ستعدها ؟!
لا كعادتك ستكتفي بالامتعاض .
أتعلم ؟ اتعلم انني وددت عبورها كما كثيرون ممن مروا علي وهم يحملون حكاياتهم الشيقة عنها ؟ .
لست معنياً بالخيبات التي أرهقت بعضهم ! على الأقل تابعوا سعيهم لما يليها.
ربما حان الوقت لأن أجد طريقة أتحمل فيها دوران عجلات الرحلة دون أن أشعر بالغثيان .
اجل .
علي أن أتخلى عن الأسمنت البليد وليحيا المطاط .
ليحيا المطاط ! .
**
سقط سهوا.
لا تتبعه . فهو يعرف طريقه أفضل منك .
أرأيت تحت وسادتها؟
أتراه يتلصص على أحلامها ؟!
**
لك ذاكرة .
ولي وجعها ..
ولك السطر المقفى .
لي التنهيدة الرنانة .
لك الشطر الموزون .
لي ما تبقى من صراخ البرية .
أيها الغد .
لك الحياة عابثاً ، ولي أن أنام ما بعدها .
**
بماذا تشعرون أيها السادة ؟ ، وقد عشتم زمناً جعل ألم فلسطين مجسداً بطعنات لا تمل حرث صدوركم ..؟
بعضكم عاش الخيبة بعد عام ثورة ، وآخر كم تهيب بروحه نخوة النخوة لكنه ما يزال قابعاً في قعر دلوه !
أكثركم لا يزال يترقب من بعيد صولات وجولات “الأخوة ” !.
جرحها دام ما يزيد عن نصف قرن ومايزال.
بماذا يشعر الإنسان فيكم .؟
بماذا تشعرون أيها السادة ؟!
**
الحظ . الحظ عداد لتصريف الأفعال غير القابلة للصرف .!
لا احتمال مؤكد سوى قبضة يدك والموت . ؟
**
للجبانة التي تخون عقد أحمر.
تغير الحال يا درويش ، فأصبح العهر بالمجان !.
**
كتب حالة أولها ” تذكر بضعة سطور تليها فقط .” .
بغفلة مني اضطرب “الحاسوب ” وأحالها لغياب غير مبرر ، ثواني فقط فصلتني عن نباهة عقلي لأعود وأقول لنفسي : تذكر !
ذاكرتي تكاد تتفوق على ذاكرة الأسماك . اقول تكاد. !
**
لم يتبق شيء من الصواب كي أدركه .
الحب وطن أباح نفسه لمن يحتمل .
.
* قاص من فلسطين يعيش في سوريا