في المفكرة الذهبية..ليسنغ تهاجم الأفكار الذكوريّة المألوفة


( المفكرة الذهبية ) هو عنوان عمل الروائية البريطانية (دوريس ليسنغ) ذات الفكر العنيف، والتي صارعت طويلا من أجل حقوق المرأة ، وقد أعيد نشره مؤخرا مع ثلاث روايات أخرى في مجلد واحد ضمن منشورات ( بوشتيك ).
في عام 1971 ، وفي تمهيد روايتها (المفكرة الذهبية ) قالت ليسنغ إن كتابها ورغم التأثير الذي سيحدثه ، فسيتعرض لسوء فهم قاس دون شك; ذلك أنها ارتبطت أكثر بالتقاليد الأوروبية للرواية وأثبتت بنوتها للرواية الانكلوساكسونية فهي البنت الروحية ل(لورنس ستيرن ) (1713-1768) ول(جوزيف كونراد ) (1857-1924) ، وبالفعل فقد تم اعتبارها ككاتبة مختصة بالسخرية الأنثوية ومهاجمة الرجال كما تم إدراجها ضمن صنف الكاتبات المتمردات، إذ أن آخر ما يمكن أن يشغلها هو الأحاديث التي تجري بين النساء والثرثرة والتذمر النسائي وهي تقول ضاحكة عن ذلك : “تتمرد المرأة عندما ينتقص الرجل من انوثتها، ويتهمها بتهديدها لفحولته ” .. وتتحدى ليسنغ مثل هؤلاء الرجال وتقول إن هناك رجالا آخرون أقل جهلا وخوفا ممن يعرفون بأن لكلا الجنسين أدوارهما المحددة في الحياة ، ولا يجب أن يتعدى أحد الجنسين على دور الآخر.
إنها تتحدث عن النساء بجرأة تجعل مقارنتها بفوكنر أو نابوكوف غير مناسبة ; ذلك أنهما لا يتحدثان أبدا عن هذه العلاقات المزعجة جدا وعن سوء الفهم بين الرجال والنساء.
وفي عام 2007 ، وفي سن الثمانية والثمانين ، تسلمت ليسنغ جائزة نوبل فكانت المرأة العاشرة والأكبر سنا بين النساء اللاتي تسلمن هذه الجائزة العالمية لكن هذا لم يغير من سمعتها أو من الشائعات المتواصلة ضدها شيئا ، ربما بسبب شخصيتها المستعصية على الفهم ولامبالاتها بالأعراف والقوانين وأدبها الذي يقول ما لا يجب قوله !
وتقول ليسنغ إنها كانت ترغب دائما بأن تكتب عن عصرها، عن سنوات الخمسينات التي أعقبت الحرب ، وعن الأيام الأخيرة من حكم ستالين كما تراه انكلترا وكما فعل تولستوي بالنسبة لروسيا أو ستندال بالنسبة لفرنسا ..لكن هذه المحاولة تفترض بان يكون لهذه المرأة نفس القدرة الذكرية على انتقاء م اتقول . وتمتلك ليسنغ تفاؤلا من النوع (الخرف ) الذي كانت فرجينيا وولف (1882-1941) تقول عنه انه يقود إلى اليأس وأحيانا إلى الانتحار . أما عن روايتها ( المفكرة الذهبية ) فتقول ليسنغ إن الجدل حول الرواية يبدأ منذ يوم مولدها وهكذا بدا الامر مع روايتها غير المألوفة ..وفي الرواية ، امرأتين هما مولي جاكوب وآنا وولف وهما تبحثان عن الحرية وتشعران بالوحدة رغم وجودهما معا على افتراض أن المراة تظل وحيدة (لغويا ) مادامت بلا رجل !
وتتألف الرواية من خمسة أجزاء تروي الأزمات العاطفية والشبقية والأمومية والمهنية لآنا وولف ومولي جاكوب باسلوب حواري واقعي لا يخلو من التعقيد ولا تحكمه الكليشهات التقليدية .
ولكي تواكب ليسنغ أقدار المرأتين فقد قسمت الرواية إلى خمس مفكرات.الأولى سوداء وتصف حياتها ككاتبة من خلال البطلة آنا وولف وعبر انطباعاتها ..والثانية حمراء والتي تتعلق بالسياسة والاعتقادات لدى الكائن البشري ..أما المفكرة الصفراء فهي عن الخيال والأحلام بينما تتحدث الزرقاء عن زيف الصحافة وكونها جلادا يحاسب الآخرين بقسوة ..الجزء الأخير من الرواية يضم المفكرة الذهبية التي تتحدث عن السياسة والحب وهي رواية اجتماعية تعكس قوة الوهم وبقاء الفن وقبل كل شيء اشتعال انفعالات الفكر في رأس الكاتبة العنيفة دوريس ليسنغ .
صدرت هذه الرواية المعاد نشرها مؤخرا مع ثلاث روايات أخرى بعد ترجمتها عن الانكليزية في (1998) صفحة .
*عن (المدى)

شاهد أيضاً

العتبات والفكر الهندسي في رواية “المهندس” للأردني سامر المجالي

(ثقافات) العتبات والفكر الهندسي في رواية «المهندس» للأردني سامر المجالي موسى أبو رياش   المتعة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *