جميل أبو صبيح *
( ثقافات )
في قطار الليل
القطار المنطلق كسلحفاة سريعة
من أقصى الجنوب
بعد الثامنة مساء
إلى أقصى الشمال
حيث الشبابيك بلا زجاج
والستائر بنات الرياح
أربعة أصدقاء
يمتطون خيول الشعر على المقاعد الخلفية
ويعبثون بشعر المسافات
الليل قطيع من القطط السوداء
يركض خلف الشبابيك
والنعاس يبذر طحالبه على الجفون
لم يكن إلا ذلك الهرِم
ابن خمبابا
يبري بلسانه كلماته الماجنة
يضحك قليلا
ويدس ضحكاته في قمصاننا
نضحك كثيرا
ونشلح الليل عن مقاعدنا الخلفية
والقطار سلحفاة سريعة
تركض في براري الليل
من روضة الشابي
إلى شارع الحبيب بورقيبة
كنت متمددا على المقعد
أعبث بشعر الليل
أناملي على ورق القصائد
والقصائد تقفز على المقاعد الخلفية
يلملمها فارس أندلسي
بلكنة مغربية
وهيبة جبال البرانس
يعبر الليل بحصان جامح
يسحب شاعرة قطار الليل
يسحبها بخفة فراشة
إلى موجة ترقص على ظهر الحصان
كانت غيوم تزحف نحو أشعة مصابيح المقاعد
لا قمر يضيء
لا جبال تسهر خلف الشبابيك
لا أشجار
ليس سوى قطيع قطط سود
يركض على جانبي السلحفاة
كانت الفراشة تبتسم
كانت جميلة
لم ترم وردتها على سكة القطار
وقد تهيات تقفز في بحر الليل
لبست ثوبها الشعري
وأمسكت بساق وردتها
رتبت تاجا من الكلمات المضيئة
لكنها لم تكتب قصيدة
ولم تنثر فراشاتها في فضاء القطار
وضعت راحتيها على عينيها
وغفت ..
ابنة أوروك
والقطار يعوي
والقطط السود تنهش لحم القطار
ومواء قطيع القطط
يدرز على قضبان السكة
تذبل عيوننا قليلا
تطير الى بيت مضاء يطل على النجوم
في ليلة صافية
بيت على جزيرة واحدة
بيت يتسع العائلة كلها
من الماء الى الماء
وقطارالليل
القطار الراكض كسلحفاة سريعة
يعبر نحو الفجر
نحو الخامسة والنصف صباحا
* شاعر من الأردن