حوار مع الروائي العراقي محسن الرملي عن ” حدائق الرئيس “




*متى بدأت كتابة رواية “حدائق الرئيس” ومن أين جاءك الإلهام لها؟

ـ بدأت بكتابتها سنة 2006 بعد أن تلقيت خبر مقتل تسعة من أقاربي ذبحاً وهم صيام في اليوم الثالث من شهر رمضان، ولم تجد القرية سوى رؤوسهم في صناديق موز مع بطاقاتهم الشخصية، لذا أهديت الرواية إلى أرواحهم. صدمني ذلك، أرعبني وأبكاني فكانت الكتابة في البداية ردة فعل بلا تخطيط ولا رؤية واضحة، لذا تركتها جانباً على أمل تحقيق أمنية قديمة وهي كتابة رواية أشمل عما عاناه البسطاء تحت وطأة مآسي العراق في تاريخه الحديث، رواية مثل “جسر على نهر درينا” لليوغسلافي إيفو إندريتش التي سردت تاريخ بلاده على مدى أجيال عبر اتخاذها للجسر مرتكزاً يربط الأحداث والأزمنة، يدفعني إلى ذلك أيضاً ما لمسته خلال مشاركاتي في الأنشطة والملتقيات الثقافية في بلدان عديدة، من صعوبة في فهم تعقيدات الوضع العراقي، وكذلك حزني وغضبي الشديد من اكتفاء الصحافة العالمية لذكرها للضحايا العراقيين وكأنهم مجرد أرقام، فرحت أجمع المعلومات تباعاً، وسافرت إلى سوريا للقاء أخي وابن أخي هناك والاستفسار منهم عن المزيد من التفاصيل، وهكذا بحيث لم أعد للبدء بكتابتها مرة أخرى إلا في أواخر 2008 بعد أن قرأت خبراً سابقاً ومقتضباً عن شخص كان يعمل في دفن المعدومين المجهولين في العراق وكان يحتفظ سراً بشيء مما يجده لديهم سواء بطاقة أو فاتورة أو ساعة أو خاتم ويدون بعض مواصفاتهم وأماكن الدفن، وبعد سقوط النظام قام بمساعدة الكثير من العوائل في إيجاد بقايا جثامين مفقوديهم.

*هل استغرقت كتابة الرواية مدّة طويلة؟ وأين كنت تقيم عند إكمالها؟

ـ نعم، أربعة أعوام تقريباً، ولكن بشكل متقطع، حيث أكتب وأتوقف، لأكتب نصوص أخرى، ثم أعود إليها، أتحرى المزيد من المعلومات وأعيد الكتابة وأستشير بعض الأصدقاء.. وهكذا. وعملية الكتابة كانت في أربعة أماكن، بدأتها في مدريد، ثم في غرناطة، ثم في العراق حيث سافرت لفترة بسيطة وتقصيت عن المزيد من التفاصيل، ثم أنهيت مسودتها الأولى في آستورياس شمال إسبانيا، وبعد ذلك قمت بعدة مراجعات لها في مدريد، وهكذا فإن كتابتها قد بدأت وانتهت في مدريد، حيث أُقيم.

*كيف استقبلها القراء والنقاد؟

ـ كان استقبالها أفضل مما توقعته بكثير، فالآراء النقدية طمأنتني على رصانتها التقنية، أما آراء القراء، وهي الأهم، فقد جعلتني أشعر بأن هذه الرواية قد أوصلت الرسالة التي أردتها، حيث تلقيت اتصالات ورسائل من قراء يتابعون كتاباتي قائلين بأن هذه هي الرواية التي كنا ننتظرها منك. آخرون قالوا: الآن فهمنا ما الذي كان يحدث في العراق ولماذا يحدث الذي يحدث الآن وبعضهم اعترف بأن رأيه قد تغير تماماً بعد أن كان يتعاطف ويؤيد طاغية العراق المخلوع إلى ضده، ومنهم من كتب في صفحات التواصل الاجتماعي متمنياً أن يقرأها الحكام والمحكومين كي تخف دوامة العنف في عالمنا العربي، بعد أن نتحسس تفاصيل ما هو إنساني، ومن العراق ثمة من اتصل بي شاكراً لأنني استطعت أن أعبر عن أوجاعهم.. وغير ذلك.

*ما هو مشروعك الأدبي بعد هذه الرواية؟

ـ كتابة رواية جديدة طبعاً، وقد شرعت منذ الآن بالإعداد لها، أريدها عن موضوعة الحُب هذه المرة وأن تكون مختلفة، بحكم اختلاف موضوعها، عن لغة وأسلوب وتقنية “حدائق الرئيس”، وإن كان الوجع العراقي سيحضر فيها أيضاً بشكل ما، لكنني أريدها أن تكون بمثابة بحث عميق عن الحب والجمال وسط هذا الخراب.


( عن موقع جائزة البوكر )

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *