في كتاب عن مسرح السيناريست المصري محفوظ عبدالرحمن، يقدم نحو 30 ناقداً عربياً رؤى مختلفة لـ10 مسرحيات عُرضت في مصر وبعض الدول العربية، نظراً لأنه كتبها بالعربية الفصحى، باستثناء نصين بالعامية المصرية، حظي أحدهما بالعرض في قطر.
وكتاب «عاشق المسرح والتاريخ.. محفوظ عبدالرحمن في محاورات النقاد»، الذي أعدته سميرة أبوطالب، يوثق استقبال الحركة النقدية في العالم العربي لمسرحيات عبدالرحمن المنشورة، أو بعد تقديمها على المسرح منذ منتصف السبعينات من القرن الماضي، حتى العام الماضي، الذي عُرضت فيه مسرحيته الأخيرة «بلقيس».
والكتاب الذي أصدرته «روافد للنشر والتوزيع» في القاهرة يقع في 310 صفحات، منها ملحق يضم صوراً فوتوغرافية لعروض المسرحيات في القاهرة والكويت وسورية وليبيا.
ومن المخرجين الذين أخرجوا مسرحيات عبدالرحمن، الليبي عبدالرحمن البابلي، والكويتيون صقر الرشود، ومنصور المنصور، وفؤاد الشطي، ومن المصريين محمد عبدالمعطي، وعادل هاشم، ومحمد الخولي، وموسى النحراوي، وسعد أردش، وعمرو دوارة، وأحمد عبدالحليم.
وتقول سميرة أبوطالب في مقدمة الكتاب: «إنها أجرت ما يشبه المحاورات بين الذين تناولوا مسرحيات الكاتب بعد أن أتيح لهذه الأعمال أن تتحرر من الحيز الضيق للنطاق الجغرافي إلى رحابة الوطن العربي بامتداده، وإن كان نص (كوكب الفيران)، الذي كتبه عبدالرحمن بالعامية المصرية عُرض أيضاً على خشبة المسرح القطري». وتضيف أن «عبدالرحمن يضع أمام القارئ والمشاهد وليمة إبداعية تحوي جمال اللغة وعبق التاريخ، في تناوله قضايا تحمل أشواق الإنسان في رحلته للبحث عن الكرامة والعدل والحرية».
وعبدالرحمن كتب سيناريو وحوار ثلاثة أفلام سينمائية هي: «ناصر 56»، و«حليم»، وأنتجت له السينما العراقية عام 1981 فيلم «القادسية» من إخراج المصري الراحل صلاح أبوسيف، وبطولة المصريين سعاد حسني وعزت العلايلي، والعراقيين شذى سالم وطعمة التميمي ومحمد حسن الجندي.
وتخرج عبدالرحمن في قسم التاريخ بكلية الآداب في جامعة القاهرة عام 1960، ويحضر التاريخ في أعماله بقوة حتى إن معظم المسلسلات التلفزيونية التي كتبها ذات طابع تاريخي ومنها: «سليمان الحلبي»، و«ليلة سقوط غرناطة»، و«العودة إلى المنفى»، و«بوابة الحلواني»، و«أم كلثوم»، و«أهل الهوى»، الذي لم يُعرض بعد، ويتناول حياة الشاعر بيرم التونسي (1893 ـ 1961).
وعبدالرحمن، الذي بدأ كاتباً للقصة القصيرة، وأصدر مجموعته القصصية «البحث عن مجهول» عام 1966، كتب 10 مسرحيات هي: «كوكب الفيران»، و«احذروا»، و«ما أجملنا»، و«محاكمة السيد ميمي»، و«حفلة على الخازوق»، و«عريس لبنت السلطان»، و«السلطان يلهو»، و«الفخ»، و«الحامي والحرامي»، و«بلقيس»، التي عُرضت العام الماضي في القاهرة.
وفي فصل عنوانه «محفوظ عبدالرحمن بين التراث الحكائي والعرض المسرحي» يربط الناقد المصري سامي خشبة بين عبدالرحمن، والكاتب المصري الراحل ألفريد فرج، والكاتب السوري الراحل سعدالله ونوس، والكاتب التونسي عزالدين المدني، قائلاً إن نصوص هؤلاء الكتاب تسعى إلى «إعادة خلق الحكاية التراثية خلقاً درامياً خاصاً».
ويقول عبدالرحمن في الكتاب إن «في التاريخ عالمي الذي أجد فيه مكاناً لأحاسيسي وأفكاري والشخصيات تنبض دائما بالحياة، وإن كتابة التاريخ وإسقاط رموزه على الواقع متعة..».
وفي قراءته لمسرحية «حفلة على الخازوق» يرى الناقد السوري نبيل حفار، أن المسرح العربي بعد حرب 1967 اتجه إلى استلهام التراث في محاولة للبحث عن «شكل مسرحي عربي عن طريق مضامين وأشكال ذات أصول فلكلورية أو تاريخية»، وفي مقدمتها حكايات «ألف ليلة وليلة» التي استلهم منها عبدالرحمن بعض نصوصه المسرحية.
ويورد الكتاب دراسة الناقد الكويتي عبدالله النفيسي، عقب عرض مسرحية «حفلة على الخازوق» في بلاده تحت عنوان «مسرحية تعبوية ندخل من خلالها إلى مؤسسة الحزن العربي» قائلاً إن «هذه المسرحية نقلت المسرح الكويتي من أفق المواقف الاستاتيكية الساكنة إلى أفق آخر يخرج من حدود الكويت، ليتفاعل مع قضايا العصر.. (العرض المسرحي) نداء إلى النظام العربي لكي ينتقل هو الآخر إلى أفق جديد للتعامل مع المواطن بنظافة وجدارة وعدل».
ويقول الناقد السوري نديم محمد، تعليقاً على عرض «عريس لبنت السلطان» في دمشق إن «عبدالرحمن أراد أن يقول إن الوطن عندما يحاصر ويصير مهدداً بالغزو، يكون الفقراء المسحوقون هم أول من يسارع للدفاع عنه».
( الإمارات اليوم )