عشية عيد الميلاد – أربع قصائد


سعدي يوسف *


عشيّةُ الميلاد



ويقولُ بدْرٌ :
مريمُ العذراءُ …
‘ تاجُ وليدِكِ الأنوارُ لا الذهبُ ‘
ولكني هنا ، في لندن الكبرى
مع المذياع والـمِـشوافِ ، يا بدرُ العزيزُ
يَـؤودُني الذهبُ ؛
لا مريمُ العذراءُ تحت النخلةِ الفَرعاءِ
لا الطفلُ الإلهيُّ …
المدينةُ ، سيّدي ، عطَبُ .
عذارى !
ربما ، من بعدِ عشرينَ افتراشاً !
أيَّ طفلٍ نحنُ ننتظرُ ؟
المسيحُ مضى ، كما تمضي الأغاني دائماً …
صلَبوهُ
أو قالوا لنا : اخترَعوهُ من بُرْديّةٍ …
والآنَ
في الميلاد
عند عشيّة الميلادِ
تنفتحُ المخازنُ :
ليلُنا ذهبُ !
……………..
……………..
……………..
سلاماً ، بدرُ
وحدَكَ قلتَ :
‘ تاجُ وليدِكِ الأنوارُ لا الذهبُ ‘

لندن 22.12.2012




الشيوعيّ الأخيرُ يَـتـمازَحُ


كان الشيوعيُّ الأخيرُ ، مُوَلَّـهاً !
أمضى ثلاثةَ أشهُرٍ
ما بينَ قريتِهِ بلندنَ ، والضواحي من أمستردامَ …
وهو يُطاردُ الغزلانَ ؛
كان يظنُّ أنّ الـحُبَّ يأتي من سماءِ الصيفِ !
كم هوَ ساذَجٌ !
كم من قطارٍ فاتهُ في الإنتظارِ
وكم قوافلَ أو جآذرَ غادرتْ حتى اختفتْ في الرملِ
أو عند الشــواطيءِ …
قلتُ :
صبراً ، يا رفيقي
أيُّها الـمُـسْـمى شيوعيّاً أخيراً …
كُنْ ، كعهدِكَ ، صامداً !
ما نفْعُ أن تشكو إذا نابتْكَ نائبةٌ ؟
أفِقْ
وادخُلْ ، بكل أناقةٍ ، في البهوِ
وانظُرْ نحوَ سُـلَّـمِـهِ الذي في الرُّكْنِ ؛
وادعَكْ قِرطَكَ الفضّيَّ :
…………….
…………….
…………….
سوف تجيء مَن تهوى !

لندن 20.12.2012




تنويعاتُ النبتة المنزليّة


بَعدَها
بعدَ تلكَ التي كنتُ سمَّيتُها
أوّلاً ،
أقصدُ : النبتةَ المنزليّةَ …
أمسيتُ ذا أربعٍ :
نبتةٌ عند زاويةِ البارِ .
أُخرى تُفَضِّلُ أن تتفتّحَ في غرفةِ النومِ .
ثالثةٌ تتألّقُ في شُرفتي وهي تستقبلُ الشمسَ.
رابعةٌ تومِيءُ الآنَ ، مُتْرَفةً ، من أصيلِ الحِجازِ.
ولكنني أحفظُ العهدَ
أحفظُ أنّ التي كانت النبتةَ المنزليّةَ
سوف تظلُّ (كما كانت) النبتةَ المنزليّةَ
تلك التي كنتُ سـمَّـيْـتُـها
أوّلاً !

21.12.2012 لندن




صديقتي التي كانت شيوعيّةً في البصرةِ


تقولُ مَن كنتُ أردتُ أن تصحبَني في رِحْلتي الآنَ :
ولكنّكَ ، يا سعدي ، بلا بيتٍ !
أجـبْـتُها : لكنّ لي سقفاً …
ولي بيتٌ بهِ بابٌ
به غرفةُ نومٍِ
و به مكتبةٌ مُثلى
وما أستقبلُ الناسَ بهِ : بيتُ معيشةٍ ؛
بل إنني ألمحُ من شُرفتهِ الغابةَ والبحيرةَ الكبرى …
أنا شيوعيٌّ
ولا أريدُ أن أملِكَ .
مَنْ يملِكْ يكُنْ عبداً لِما يملِكُ …
…………….
…………….
…………….
هل أسألُكِ الآنَ :
أما كنتِ، الشيوعيّةَ ، في البصرةِ ؟
قولي …
ما الذي غيَّرَكِ اليومَ إذاً ؟

لندن 21.12.2012


( القدس العربي )

شاهد أيضاً

كأس وظلال

(ثقافات) كأس وظلال عبد القادر بوطالب تلك الظلال التي طوت تفاصيل أجفاني سارت خلفي ما …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *