حوار فكري مع د. محمد شوقي الزين



الحوار التالي اجراه عبد الرحمن عمار في ألمانيا مع المفكر د . محمد شوقي الزين



1- أنت تعلم أن باب الاجتهاد تم صدّ أبوابه منذ القرن التاسع ليتم تسبيق النقل على العقل. هناك محاولات كثيرة لتجاوز الأمر لكنها محدودة الفاعلية أي أن الأمر يتعلق بنخبة معزولة: كحامد أبو زيد، محمد أركون، محمد الطالبي، عابد الجابري وغيرهم. ما الذي يعيق
انتشار الخطاب العقلاني وفتح باب الإجهاد من جديد؟

بالفعل، لم يكن حظ العقل في الثقافة الإسلامية واسعاً ولم يتسنّ له الترسّخ في التقاليد النظرية، لأنّ المرجعية النصية كانت أقوى وأولى. لم يكن العقل سوى أداة منطقية (أو “أورغانون” بالمعنى الأرسطي) تمّ تسخيرها في معالجة القضايا الكلامية والفقهية. وفكرة العقل الأداتي هي من طرح أدورنو وهوركايمر حيث أنّ العقل يتحوّل إلى مجرّد آلة في التبرير بينما المضامين يغلب عليها النزوع الدغمائي ويتمّ الختم عليها بخاتم الوثوقية. لم يكن العقل هو المجال، إن صحّ التعبير، بل مجرّد أداة للاستعمال. لكن كيف أصبح الأمر ممكناً؟ كما أوضح أركون في العديد من كتاباته كان العقل في الثقافة الإسلامية عقلاً بيانياً أو بلاغياً تغزوه القيم الخيالية والشعرية والمجازية، بينما العقل في الثقافة الإغريقية كان عقلاً برهانياً. استفادت الثقافة الإسلامية من هذا العقل البرهاني في المنطق والكلام والفقه، لكن كان مجرّد أداة في القياس والحساب كما أوضحت قبل قليل. وشتّان بين أن نتّخذ العقل كمجال حيوي ونظري تنخرط فيه القضايا والأطروحات والمشكلات المعرفية والوجودية، وأن نتّخذه كوسيلة لغاية أخرى قد تكون غير عقلانية. ويفسّر هذا الأمر لماذا تعثّر الاجتهاد في الثقافة الإسلامية منذ القرن التاسع وحتى بداية النهضة، لأنّ الوسائل الذرائعية كانت أطغى من الروح النظرية ذاتها. كان الغرض هو تبرير النقل بالعقل وجعل العقل تحت سلطة النص. تمّ استخدام الأدوات المنطقية في تفسير البنيات السردية للنص الديني واستخلاص الدلالات من المضامين التي ينطوي عليها. كان الغرض هو إرشادي واستكشافي (heuristique) ولم يرتقِ إلى المستوى النقدي والتأويلي، لأنّ الهدف هو الكشف عن العلوم التي يحتملها النص وتبيان اكتفاءه الذاتي دون اللجوء إلى الأصول التاريخية أو المعطيات الواقعية لتفسير تاريخيته وارتباطه باللغة والبيئة والذهنية التي انبثق فيها وعنها. نحن أسرى النص كفريسة العنكبوت (والنص في اشتقاقه هو “نسيج”) ولم نفلح بعدُ، مثلما فعل الإصلاح البروتستانتي، من جعل العقل هو الحاكم والموجّه للنص وليس الأداة والمبرّر، رغم المحاولات الجادّة في العقود الأخيرة مع أركون وأبو زيد والطالبي والجابري. يتطلّب الأمر الوقت والمواظبة لترجيح الكفّة لصالح العقل في قراءة النص وتأويله. لأنّ النص ثابت بحرفيته أو بشيئيته النصيّة (بتعبير بول ريكور)، والعقل أو الحكم هو الذي يحرّكه وينفث فيه الروح النظرية بإبراز قيمه وربطه بالمعطيات أو الملابسات البرّانية.

2- الدكتور شوقي الزين، أنت من المهتمين بالفلسفة الألمانية عموما وبفلسفة غادامير خصوصا حيث ترجمت كتابا له إلى اللغة العربية. فماذا يغريك في فلسفته؟



في الحقيقة لديّ اهتمام ثلاثي الأبعاد: الفلسفة الفرنسية في أصعدتها المعرفية والنقدية، الفلسفة الألمانية في مستوياتها التأويلية والتاريخية والفكر العربي الإسلامي في مجالاته الإنسانية والبلاغية. الاهتمام بغادامير جاء نتيجة إعادة التفكير في سؤال التأويل الذي كان له قيمة نظرية هائلة في الثقافة الإسلامية المرتبطة بمعقولية النص ومجالاته الميتافيزيقية والأخلاقية. لا ينبغي أيضاً عزل غادامير عن التربة الفكرية التي تغذّت منها فلسفته، وأقصد بها العلوم الفكرية التي تطوّرت منذ شلايماخر ودلتاي، ثم الأنطولوجيا الفينومينولوجية مع هسيرل وهايدغر. لم يكن التأويل عند غادامير فقط المنطلق وإنما كان أيضاً النتيجة، أي نتاج اشتغال فلسفي على النصوص الحديثة ونقد منهجي للخيارات النظرية. وظهرت فكرة “الهيرمينوطيقا” عند غادامير كنتيجة هذا الحوار الدؤوب والمتواصل مع أعلام الفكر التأويلي في نطاقه الديني والفلسفي. أحاول استثمار التأويل ليس فقط من أجل التأويل كمبحث فلسفي، ولكن أيضاً كأسلوب معاصر في مقاربة العديد من المباحث والموضوعات. وأشتغل في هذا المضمار على مبحث الثقافة من وجهة نظر تأويلية لتشمل فلاسفة الثقافة الألمان أمثال جيورج زيمل وإرنست كاسيرر إلى جانب الفلاسفة العرب الذين اهتموا بالمسألة الثقافية وأخصّ بالذكر مالك بن نبي ومحمد عزيز لحبابي. لماذا الثقافة وما علاقتها بالتأويل عموماً؟ أظنّ أنّ غادامير، الذي هو سليل الفكر الألماني في تنوّعه وتاريخيته، هو أيضاً المنظّر للثقافة الإنسانية (اللغة، الفنّ، التاريخ) عبر مبحث التأويل. وآثرتُ توسيع المسألة نحو زيمل (الحداثة) وكاسيرر (الفن، الدين الأسطورة، اللغة)، وقبلهما غوته ونيتشه عبر المفهوم الألماني الأصيل “البيلدونغ” (Bildung). فهو مبحث لم نشتغل عليه بالكثافة المفهومية المرجوّة وظلّ منحصراً في النطاق الأنثروبولوجي والسوسيولوجي ونادراً في النطاق الفلسفي. لهذا السبب جاءت محاولتي، وهي قيد الإعداد، للقيام بدراسة شاملة حول فلسفة الثقافة في السياق الأوروبي الغربي والسياق العربي، من الجذور العريقة إلى التجليات الحديثة. وسيكون المنهج مزدوجاً (المنهج النقدي والتأويلي) يحاول الوقوف على تاريخية الثقافة في الأقاليم الجغرافية والفكرية التي تعزّزت فيها وأخصّ بالذكر الفكر الألماني الذي منح للثقافة عناية إبستمولوجية وفلسفية منقطعة النظير.

3– هلا أعطيتنا فكرة عن أبرز المفكرين المسلمين الذين لا يزال لديهم تأثير في الثقافة الغربية المعاصرة؟



لا أعرف إذا كان هنالك مفكّرون عرب ومسلمون لهم صيت وذيع في الغرب، لأنّ الثقافة العربية الإسلامية لم تعد تنتج مثلما أنتجت في عزّ تطوّرها التاريخي، بل يمكن الإشارة مثلاً إلى الاهتمام بأفكار مالك بن نبي ومحمد أركون ومحمد عزيز لحبابي. لكن يبقى التأثير منحسراً، وفي النطاق الأكاديمي المحصور، لأنّ الغرب له مقوّمات وجوده الحضاري يقتنيها من تاريخه وثقافته حتى وإن كان منفتحاً أيضاً على الثقافات الأخرى، خصوصاً في الفكر الألماني الذي يتفاعل أكثر مع الثقافات العالمية وكما أبرزته الدراسات الإستشراقية التي اهتمّت بالفكر الإسلامي ترجمةً ودراسةً ونقداً وتحليلاً. نرى مثلاً الاهتمام المتنامي بالنظريات السياسية عند الفارابي أو بالنزعات الروحية في الإسلام. لكن يبقى هذا الاهتمام منحصراً في القطاع الجامعي الأكاديمي، ما عدا ربّما الاهتمام بالثقافة الصوفية لأغراض جيوسياسية هي نتاج مكافحة التطرّف الديني بفلسفات التسامح والتسامي الروحي التي يختزنها الإسلام. لكن في الحقيقة هي مهمّة على عاتق المسلمين أنفسهم بأن يعيدوا لحضارتهم الراكدة المكانة التي تستحقها. إذا كان الغرب ينتقي من الثقافات الأفضل، فلم لا يفعل المسلمون الشيء نفسه بانتقاء الأجْوَد من الغرب لتشكيل بيئة نظرية وسياسية واجتماعية قادرة على إيقاظ الهمم وشحن الوعي ودفع السلوك نحو البناء والنهوض؟ عوائق هذا النهوض هي كثيرة ومعقّدة درسها بإسهاب واستفاضة الفيلسوف اللبناني علي حرب وعلى رأسها العلاقة السلبية، الانفعالية والانتكاسية، بالهوية والتراث. نجد أنفسنا مرّة أخرى أمام ذوبان العقل في العاطفة أو تمييع الحكم النظري بالانفعال والولع، وهي ظاهرة تستحقّ المعالجة وتبيّن كيف أنّ علاقة الغرب بالعقل هي استطلاعية ومثمرة ومنتجة وصانعة للثروات والنماذج والمفاهيم، بينما علاقتنا بالعقل هي غزلية وتبريرية لم ترتقِ بعدُ إلى مستوى التمييز والمسافة النقدية، الضرورية لكل إنتاج وفاعلية.

4- التحولات السياسية التي عرفها الغرب كان لها دائما سند ومرجعية فكرية فلسفية بينما يلاحظ شبه غياب للمثقف والفيلسوف على الساحة السياسية في العالم الإسلامي. أين يكمن الخلل في نظرك؟



نعم كانت للتحوّلات السياسية التي عرفها الغرب مرجعية فكرية وفلسفية حيث أنّ الثورات في أواخر القرن الثامن عشر، في فرنسا وأمريكا، كانت تستند إلى تنظيرات الفلاسفة في السياسة على غرار جون لوك وتوماس هوبس وجون جاك روسو ومونتيسكيو وغيرهم. تأسست الدولة في الغرب على دعائم فكرية أهمها الحرية التي كانت المبدأ المطلق والقاعدة الجوهرية التي قام عليها الصرح السياسي، وعنيتُ الحريات الفردية والجماعية. معظم الدساتير التي تمّ تدوينها في فرنسا وأمريكا ما بعد الثورة جعلت من الحرية والاجتماع البشري والاشتراك السياسي وأنظمة الحكم وأساليب التدبير والإدارة في صُلب القرار السياسي والسلوك الاجتماعي. لكن كان ذلك ممكناً بعد تضحيات ونضالات شهدت ميلاد الدولة الحديثة وبروز الجمهورية يكون فيها الشعب هو مصدر القوانين والسيادة؛ وبعد عقود من البحث والتنظير والتحليل ومراجعة أنظمة الحكم الهشّة والهرمة التي وصلت إليها أوروبا آنذاك. كان لا بدّ من القيام بإصلاح سياسي شبيه بالإصلاح الديني في المسيحية. وبما أنّ عصر الأنوار، أي الحداثة، شهد انحسار السلطة الدينية وتوسّع السلطة السياسية بميلاد الدولة الحديثة، فإنّ تشكيل السياسة كان ممكناً بمفاهيم قويّة وأفكار متينة وتراث تاريخي وقانوني وعُرفي ضخم. فكان الغرض هو إعادة التفكير في السياسة ومراقبة التحوّلات السياسية بأجهزة نظرية متطوّرة مكّنت الغرب من إرساء تقاليد يحتفظ بها إلى اليوم رغم العثرات والثورات المضادّة والحروب العالمية. عندما ترسّخت السياسة بقوّة المفهوم ونجاعة الفعل، فإنّ بناء أشكال الحكم أصبحت ممكنة وأساسية. لكن هذا الأمر كان متعذّراً في السياق العربي الإسلامي لسببين:



1- السبب الداخلي الناتج عن جمود الحضارة وتوقف الاجتهاد والتفكّك التدريجي للإمبراطورية العثمانية؛ 2- السبب الخارجي الناتج عن الحملات العسكرية (نابوليون في مصر) وبداية الانتداب البريطاني في المشرق والاستعمار الفرنسي في المغرب. كان هذان السببان العامل المباشر في قلّة الأفكار السياسية الفاعلة رغم وجود رجالاتها وأخصّ بالذكر رواد النهضة على غرار محمد عبده وعبد الرحمن الكواكبي. لكن ظلّ التنظير الفكري على هامش التنظيم الواقعي، يدور في فلك العرض الهجائي والاقتراحات الطوباوية. فضلاً عن ذلك، كانت اللغة بلاغية وسحرية بلا شكّ، ولكن غالباً ما كانت تفتقر إلى المفهوم والتصوّر. وهو ما أشار إليه محمد أركون من أنّ اللغة العربية فقدت من قوّتها المفهومية ابتداءً من القرن الثالث عشر، ودخلت في مرحلة الاجترار والانحسار. وبالتالي فإنّ الجهود النظرية، في السياسة مثلاً، حتى وإن كانت نفيسة ومحمودة، غيرها أنّها ظلّت عابسة ومحدودة، لا تساير الواقع الذي تحيا فيه، ودائماً في فارق مع الوجه العملي للحياة السياسية والاجتماعية. لكن حتى بعد الاستقلال السياسي للبلدان العربية والإسلامية، ظلّت التجربة الفكرية على هامش التحوّلات، لأنّ الارتقاء إلى الاستقلال انجرّ عنه استيراد الأفكار بنفس الوتيرة التي تستورَد فيها المواد والبضائع. فالدولة “اليعقوبية” (الجاكوبية) في السياق العربي الإسلامي هي “نسخة” طبق الأصل للدولة الغربية الحديثة من حيث الإدارة والديوان والسلوك والتدبير مع بعض الاختلافات الطفيفة. واستنساخ النموذج الغربي لم يتح تطوير السياسة وتطعيمها بالأفكار والتجارب النظرية النابعة من الواقع العربي والإسلامي، بل انجرّ عن ذلك تصلّب في الهياكل والبنيات رأينا أحلك صورها مع الأنظمة العربية قبيل الانتفاضات الشعبية في تونس وليبيا واليمن وسوريا. هذا التصلّب والتخشّب كان سيؤول لامحالة إلى الانفجار والتفكّك وكان مسألة وقت فقط، وكان نتاج انعدام الإرادة السياسية في الإصلاح والتجديد وتشكيل تقاليد ديمقراطية تغترف من سيادة الشعب ومن المبادئ الإنسانية الكونية مثل الحرية والحقّ والعدل.

5- كيف تنظر كمفكر إلى عودة الحركات الإسلامية إلى المشهد السياسي بقوة في العالم العربي؟



جاءت عودة الحركات الإسلامية كنتيجة منطقية وحتمية للتصلّب السياسي الذي تحدثتُ عنه منذ قليل. بعد استقلال الدول العربية والإسلامية سياسياً، لم تكن الإرادة وقتها فاعلة والنوايا صادقة. انطلقت هذه الدول من نقطة الصفر لتحديث الحياة الاجتماعية والتصنيع والتشغيل. وبمرور الوقت تصلّبت السياسة في هياكل أمنية أو بنيات إدارية بيروقراطية أجهضت كل محاولة في الإصلاح والتجديد والدمقرطة. واشتغلت كآلة صلدة ومؤكسدة تنتج العنف وتدور على رحى الجمود دون التقدّم في الزمن أو التنوّع في الجغرافيا، رغم الثراء التاريخي والطبيعي والثقافي والألسني والإثني الذي تزخر به الأقاليم العربية والإسلامية. لكن لاعتبارات تاريخية طويلة نظّر لها ابن خلدون ولاعتبارات سياسية حديثة توقّف عندها الكواكبي، أصبحت السياسة تشتغل كآلة تكفي ذاتها بذاتها، تنتج التفاوت الاجتماعي وتحظر الحريات وتُطْبق على الأفراد، وتستمدّ الشرعية من العنف الذي قامت بتشريعه بالأدوات القانونية في ظلّ نموذج انتهى في أوروبا وكان ساري المفعول في السياق العربي الإسلامي وهو نموذج «الدولة-الأمة-الحزب». لم يتخلّص السياق العربي من هذا النموذج، الذي حوّل الدولة إلى أداة في يدّ أقلية أوليغارشية تتصرّف بعقلية حزبية وعصبية وتحتكر المال والمعلومة، سوى بالانتفاضات الأخيرة في أكثر من بلد عربي. والأهمّ من ذلك، وهو الأمر الذي يفسّر عودة الحركات الإسلامية وانتقالها إلى العمل المسلّح في بعض البلدان أو تحوّلها إلى “شرطة دينية” في بثّ المواعظ والمحظورات، هو أنّ الإسلام، كرأسمال رمزي (بتعبير بيير بورديو)، كان الوسيلة التي كانت تستعين بها الدولة-الأمة-الحزب في إضفاء الشرعية على ذاتها عندما لم تجد هذه الشرعية من صوت الشعب عبر صناديق الاقتراع. وبما أنّ الإسلام كان هو الآخر “أداة” في إضفاء الشرعية وخرص الأصوات، فإنّه كان محطّ صراع بين الدولة-الأمة-الحزب والأحزاب المحظورة التي تجسّدت في جمعيات خيرية وهياكل اجتماعية قريبة من هموم الشريحة الفقيرة للمجتمعات (مثال الإخوان المسلمون في مصر). كان هنالك احتقان استمرّ عقوداً وتجمّع وتكثّف وتنامى بالخطاب والصورة (الدعوة الإسلامية في المساجد والفضائيات) وانفجر أخيراً مع انفجار الثورات وتحرّر كعفريت باندورا. كان هذا التحرّر نتيجة منطقية، شبه فيزيائية كما قال أركون تبعاً لقانون «الضغط يولّد الانفجار»، لكن نظراً لحداثة (بمعنى حديث العهد) تجربة الإسلاميين في السياسة ونقص خبرتهم واعتمادهم على خطاب دوغمائي وطوباوي يخلو من البراغماتية والواقعية، فإنّ هذا التحرّر أصبح تهديداً للنسيج الاجتماعي في رمّته بالتضييق على الحريات باسم الشريعة، أي أنّ الخطورة هي إعادة إنتاج الاستبداد في ظل النموذج السابق للدولة-الأمة-الحزب، ذلك الاستبداد الذي عانى منه الإسلاميون أنفسهم واشتكوا منه. نتمنى أن لا يصل حالنا إلى هذه الدرجة وأن يأخذ الإسلاميون بالأحرى بالتجربة التركية البراغماتية، لأنّ الإسلام لا يرادف العنف والاستبداد والقهر، سوى في حالة ما إذا كان هؤلاء الإسلاميون أقل ذكاءً وأكثر انفعالاً وتحمّساً للنماذج الطوباوية التي تنتهي دائماً بتدمير في الواقع ما تبنيه في الخيال والمثال.
—————————
 ( جريدة اليوم الجزائرية )

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *