دينا يسري *
الحياة واحدة، قلبانا ليسا واحداً على الأقل حتى الآن، فلا أنا أعرفك، وبالتبعية أنت لا تعرف ملمس ملامحي كيف يكون؟، أوتعرف؟ سأقرب لكَ المشهد أكثر ولا تنتظره بالألوان.. أحدنا مثل حمامة بيضاء إنسحبت خِلسة من سربها بحثاً عن رفيق قد لا يأتي!.
مؤمنة هي كل حواسي بأنك آتٍ.. آتٍ لا محالة مهما استطال البعدِ، وأنه في يومٍ ما سأضبط دقات قلبي على تواترِ أنفاسك – التي سترحب بحضوري بشكل مؤقت – كما لو أني بندول ساعة لا يهدأ، لا تنام.
رجاءاً.. اصمت قليلاً، فلم أفرغ بعد كل ما في جعبتي من خيبات!
وما دمتُ أتحدث معك عما بداخلي وهذا أمر قلما يحدث، فدعني أخبرك عن أمر قلمي الأحمر الـ (rotring)
الذي أيضاً تخلى عني بعد أكثر من عشر سنوات،
لي معه حدوتة لطيفة للغاية ففي تلك الفترةِ التي قضيناها معاً ضاع مني كثيراً حتى يلفت انتباهي له، لم أكن أبحث عنه أبداً فكان داخلي يقين بأنه سيشتاق لحنو أناملي وقد كان، فكان يجعلني أتعثر به صدفةٍ، حتى جاءت الطامة الكبرى وتوارى نهائياً ورغم محاولاتي الكثيرة في البحث عنه إلا أن كلها باءت بالفشل، لأدرك بحدسي أنه ما من عودةٍ، أحياناً تراودني أفكار خبيثة بإمتلاك آخر يحمل نفس اللون، إلا أني أطرد تلك الحماقة بوهن، تماماً حينما تهدي كتاباً لشخصٍ ما ولا تستطيع إرجاعه فتظل تخايلك صفحاته، فتقرر أن تشتري آخر حتى تتخلص من تلك الهواجس لكنك مع اللحظة الأخيرة تعود أدراجك إيماناً منك أن روعة الأشياء تكمن في أنها لا تتكرر مرتين.
أطلت الحديث عليك أعرف، ولكني سأستدعي الإيجاز في الفقرة التالية كأحد جماليات التميز في أي نص!
بإمكاني أيضاً أن أحدثك عن الكلمات التي ستسمعني إياها حتى أغرق بلا رجعةٍ في عبقْ سحرك، وعن التي ستتحايل عليها عند الفراق، وفي هذا الأمر أفضل أن أترك جماح خيالك ليرمح بين تسعة وعشرين حرف.
صحيح أني في حالة إنتظار لك حتى تعد معي أعقاب السجائر التي أجمعها، صحيح أني انتظرك حتى أجعلك في حالة دهشة متكررة بخصال إمرأة مختلفة لا تنجذب إلا لرجلٍ تكاد تعلو قامته لتضاهي السماء، رجل مدخن شره، يملك من الذكاء والحضور قدرهما، ما قولك أنت وأنا أيقن أن امرأة بتلك الصفات الشهية ما هي إلا في جدول رجل وسادة فراش؟! أنا أرفض أن أتدنى لتلك الفوضى العبثية سيدي، عداك عن أن رجل مثل هذا لا يرسو في سفينة واحدة هو دائم التجوال تماماً كالطائرات الورق عندما تتخلى عن أصابع طفلٍ كانت منذ قليل تحتضن خيوطها فتتركه هنالك عند الشاطئ البعيد وحيداً، في حقيقة الأمر هي لا تتركه وحيداً تماماً فتلوح له بنظرة حسرة تستقر في عيناه اليسرى لتأهل اليمنى للبكاء، ولأن الأحلام صارت كالكوميديا السوداء التي تسيطر على فكر مخرج حينما يصور فيلماً لا يعرف غير الوجع أمراً رغم كونه بالألوان!، لذا لا تعاتبني على أمر حزني المبكر، فخطواتي رغم حذري ما هي إلا خطوات نادرة جداً نحو أروقة الفشل، فيرهقك نضج الأشياء رغم طفولتها.
عفواً لا تدّعي حسن النية فلست هنا لمحاكة أحد، أنا فقط لا أريد أن أخسر رهاني مع نفسي ولو أقسمت بأنك عليّ فأنا لستُ فاطمة لذا أيقن أنك راحل لتشبه في رحيلك رجلٍ كان قبلك.
صدقني أنا لا أغزل النهاية بشيء من كآبة مفرطة ولكني امرأة من كثيرين أدرن ظهورهن للبحر!.
* قاصة شابة من مصر