د. سلطان القاسمي: الأنباط أصل سكان الإمارات





أكد  الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة أن الأنباط قدموا إلى دولة الإمارات العربية المتحدة قبل حوالي أربعة آلاف عام من منطقة شرق الأردن عندما كانت هذه المنطقة خالية تماماً من السكان وأنهم أصل سكانها وفقاً لدراسات سموه وبحثه في موضوع القبائل.

وبين القاسمي وهو (أديب وشاعر وباحث )  في مداخلة هاتفية مع برنامج الرابعة والناس الذي يذاع مباشرة عبر أثير إذاعة الرابعة من إمارة عجمان أن “منطقة شرق الأردن” التي قدم منها الأنباط هي أول منطقة بدأت بالتطور في تاريخ البشرية وقبل تطور الصين بآلاف السنين، مشيراً إلى أن القبائل التي أتت من هناك واستوطنت دولة الإمارات العربية المتحدة عندما كانت المنطقة خالية من السكان هي أصل التطور.

وأضاف إن التطور الاجتماعي في منطقة شرق الأردن آنذاك حول الإنسان الذي كان يعيش على تلك الأرض من ملتقط وجامع للثمار من تحت الأشجار إلى زارع لها ومن صائد للحيوانات والدواجن إلى مرب للأغنام والماشية.
 
وقال إن التطور الذي حصل في شرق الأردن جعل المكان مزدحماً بالسكان حيث بدأت المنطقة بالتوسع وتكونت دولة الأنباط منذ حوالي ستة آلاف عام.

وأوضح  الشيخ الدكتور سلطان  القاسمي أن أعداداً كبيرة من سكان دولة الأنباط عبرت قبل أربعة آلاف عام على طول ساحل جبال الحجاز حتى وصلت إلى دولة الإمارات وعمان، مؤكداً أن أصل سكان دولة الإمارات العربية المتحدة من هذه الدولة.

ولفت  حاكم الشارقة إلى أن الأنباط جلبوا معهم عندما قدموا إلى الإمارات الكثير من المقتنيات التي كانت موجودة في تلك المنطقة ونقلوها إلى هذا المكان الذي كان خالياً من البشر.

وأكد أن عشائر الشحوح والحبوس والظهورين هم أصل أهل دولة الإمارات العربية المتحدة الذين حضروا إليها قبل 4000 عام، مستشهداً  ببعض الظواهر الأثرية التي تعتبر شواهد تاريخية على قدوم الأنباط ومنها القبور الموجودة في المنطقة وهي قبور بحجرات رباعية بنفس النظام الموجود في شرق الأردن، فضلاً عن أن نظام الري الموجود في الإمارات هو نفسه في شرق الأردن ويسمى الداودي نسبة إلى داود بن سليمان.

وأشار إلى بعض الروايات الخاطئة التي تتحدث عن أن مالك ابن فهم هو أصل سكان هذه المنطقة، لافتاً إلى أن الحقائق التاريخية تشير إلى أنه وصل إلى هذه المنطقة قبل 2360 سنة، بينما تواجد فيها الأنباط قبله بنحو 1700 سنة، موضحاً أن مالك ابن فهم هو أزدي يمني وهناك اختلاف في الشكل والطبع واللسان بينه وبين الأنباط.

وقال  إن الأنباط احتفظوا بلغتهم القديمة وهي اللغة العربية القديمة واستطاعوا الحفاظ عليها بسبب انعزالهم، لافتاً إلى أن قبائل الأنباط كانت تحكم المنطقة عندما أتى إليها مالك ابن فهم ثم بعد ذلك عاد جزء منهم إلى شرق الأردن ولجأ جزء آخر إلى الجبال.

وأضاف أن من أتوا من اليمن هم من العرب أيضاً، مشيراً إلى أن التاريخ يذكر أن عرب عمان “استنبطوا” أي صاروا أنباطاً ومنها يأتي الشعر النبطي غير الموجود أصلاً في الدول العربية أو الألسن العربية الأخرى.

وتحدث  الشيخ أيضا عن أصول تسمية العشائر العائدة إلى الأنباط، مبيناً أن الحبوس سموا بذلك كونهم انحبسوا في الجبال بينما أطلقت على الظهوريين هذه التسمية لأنهم أظهروا الزكاة عند جبايتها وعلى الشحوح هذه التسمية لأنهم شحوا بالزكاة بعد حادثة تعلقت بضرب امرأة منهم رفضت إعطاء الزكاة، مؤكداً سموه أن ما قيل عن الشحوح أنهم ردة عمان هو كلام عار عن الصحة.

ووصف  الطريق الذي اتبعه الأنباط عند قدومهم إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، مشيراً إلى أنهم لم يقطعوا الصحراء لعدم وجود الماء فيها بل جاءوا عن طريق جبال تبوك ووصلوا إلى الحجاز ومنها إلى الإمارات حيث دخلوا خلال طريقهم إلى اليمن وامتزجوا بأهله، لافتاً إلى أن تحليل دم عرب الجزيرة العربية يرجع أصلهم إلى الأنباط.

وقال  إن من الشواهد التي تؤكد صحة عودة أصول سكان الإمارات إلى الأنباط إنه أخذ عينات من سكان منطقة الجزيرة العربية وتحليلها عن طريق الـ “دي ان ايه” يبين أنها تعود إلى الأنباط، خصوصاً أنهم استوطنوا أماكن أخرى نتيجة تخلفهم في الطريق خلال مجيئهم إلى الدولة.

وكان  حاكم الشارقة تحدث في وقت سابق عن مراحل الاستيطان البشري في جزيرة العرب، قائلاً إن المنطقة كانت متصلة بأفريقيا، لافتاً إلى ما يقال بأن الوجود البشري كان متمحوراً في إثيوبيا وإن دراسات كثيرة وعميقة أجريت حول الاستيطان البشري حيث تم العثور على بعض الآثار في مليحة مشابهة لتلك الموجودة في إثيوبيا وهو ما يشير إلى أن الانسان عبر من هذه المنطقة ثم انتقل إلى آسيا.

وأضاف: “كان الإنسان قديماً صائداً ولاقطاً يصطاد الحيوانات ويلتقط ما يقع من الأشجار، إلا أنه أصبحت هناك بعد فترة مجتمعات متحضرة وبدأ ظهور أول تلك المجتمعات في منطقة الهلال الخصيب المتاخمة للحدود الجنوبية من بلاد الشام شمال جزيرة العرب حيث نقطة الارتباط والتواصل بين الجزيرة وآسيا، وتكونت فيها شعوب طورت نفسها بحيث استبدلت الصيد بالتدجين وجعلت الحيوانات أليفة داجنة واستبدلت الالتقاط من تحت الأشجار بالزراعة وقطف الثمار، وتكون فيها أول مجتمع إنساني على وجه الأرض، واستقطبت منطقة الهلال الخصيب كثيراً من الناس كونها المكان الأكثر وفرة لجميع متطلبات الحياة، إلا أن المنطقة لم تسع الكميات المتزايدة من البشر فخرجت منها مجموعات اتجهت إلى الحجاز “مكة والمدينة”، وواصلت أخرى مسيرها إلى سواحل الخليج العربي”.

وأردف  “أتت إلى المنطقة شعوب أخرى غير تلك التي قدمت من الهلال الخصيب، حيث كان للفرس تأثير وسيطرة على هذه المنطقة إلى أن احتلها الاسكندر المقدوني وشهدت المنطقة قبل ذلك ظهور مالك بن فهم وهو أزدي انتقل بجماعته إلى أن وصل الساحل الشرقي من جزيرة العرب وطلب الاستقرار لكنهم حاربوه وانتصر عليهم بسبب انهيار الساسانيين فبقيت هذه المنطقة مسيطراً عليها من هذه الناحية حيث دبا وأغلب الآثار الموجودة فيها رومانية حتى أن قالب صب العملة البيزنطية موجود حفر عليه شعار الاسكندر الأكبر”.

وقال  “كانت هناك مملكة كبيرة في بلاد الشام اتسعت إلى أن وصلت إلى سواحل الخليج العربي في هذه المنطقة في عام 272 للميلاد تدعى تدمر وهي عربية وملكتهم زنوبيا أنشأت الموانئ في السواحل الشرقية للجزيرة واتصلت بالهند وأصبحت قوتها تضاهي قوة الرومان وما زالت آثارها قائمة في رأس الخيمة كقصر الزباء”.

واستطرد  بالقول “تسمى قبائل المنطقة التي وقعت تحت حكم مملكة تدمر بالأنباط ولا بد أن يكون من بينهم أحد من جماعتها حتى اليوم، فبعد سقوط المملكة جراء ما جلبته على الرومان والفرس من قطع اتصال بالشرق, انتقلت قبائل الانباط الى العيش في الجبال وهم من يعرفون بالشحوح والحبوس والظهوريين وهم قبائل عربية من الشام وفي دراسة لي حول هذا المبحث تبين لي أن هناك أفلاجاً صممت على أساس كونها مجاري مائية وأنابيب تقطع الجبال والمرتفعات والوديان تسمى “فلج داودي” وتوجد في المنطقة الشرقية وبلاد الشام. كما توجد في المنطقة الشرقية القبور الرباعية وتحوي لحداً للميت وقبراً للمأكل وآخر للمشرب وقبراً لجلوس أهل الميت وهذا القبر له ذات الشكل في بلاد الشام ما يدل على وجود ارتباط بينهم. 

“تسمية الحبوس اتت من الحبس أي انهم بقوا محبوسين في الجبال ولم يعجزهم ذلك من تكوين مجتمع له زراعته ومصادر مياهه وحياته الخاصة، ينزلون من أعلى الجبال في أوقات الهدوء”. وواصل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة حديثه حول الاستيطان البشري للمنطقة في فترة انتشار الدعوة الإسلامية، قائلًا: “بعد وصول الإسلام إلى مناطق الساحل الشرقي وساحل الخليج على يد القائد الإسلامي عمرو بن العاص وقعت أحداث عدة من بينها حادثة ردة عمان أو ردة دبا وهي ليست ردة بالمعنى الحقيقي وانما اعوجاج تمت معالجته وسبب تلك الردة أن امرأة من الحبوس رفضت تقديم الزكاة المفروضة على الأموال فما كان من جابي الزكاة إلا أن ضربها فصرخت وفزع لها قومها لينصروها، وانقسم الناس إلى فريقين أحدهما دفع الزكاة وأظهروها فسموا بالظهوريين. أما الفريق الآخر فشح عن دفع الزكاة وحبسها فهم الشحوح والحبوس والناظر إلى هذه القبائل اليوم يجد أن هيأتهم أقرب ما تكون للشام وبعض ألفاظهم مشتركة مع ألفاظ الشام”.

– عن وكالة الانباء الإماراتية وجريدة الاتحاد

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *