إسراء عبد التواب *- القاهرة
” لقد خاصمني ثلاثة أيام لأنني دافعت عن الإخوان …اليوم أنا عدوة للإخوان ياحبيبي، هأفضحهم وهأخد بتارك “قالتها خطيبة زميلنا الصحف “الحسيني أبو ضيف” الذى مات شهيدأ برصاص حي صوبه أعدائه وهو يلتقط الكاميرا بجرأة شهيد ويسجل جرائم سارقى الثورة .
وقف هناك أمام قصر الرئيس بعد ثلاث طلقات من الخرطوش وهو يقاوم ويقبض على الكاميرا ويصورالمجرمين، فالمعركة تحتدم والدماء تنفجر فى رأس الثوار لأن قدرهم الموت أمام مخادع كبير جاء من صندوق الإنتخابات على جثث الشهداء وهو يغتال هو وأهله وعشيرته فرحة شابة تنتظر حبيبها وهو يشجعها وهي تهتف ضد الإخوان فى ميدان التحرير”مناضلة ياسهام “…..لا أعرف هل أنا فى حاجة لعزائك ياسهام أم فى حاجة لإحتضان صورته معك فى ليلك الطويل الذى سيصاحب أيامك أم أنني في حاجة كبيرة للغيرة منك …لأكن صادقة أنا أغار منك كثيرا لأنك قابلت رجلا إختارالموت من أجل قضية لا من أجل إمراة وأنا مثلك أبحث عن هذا الوجه النادر فى زمن يغيب عنه ولاء الرجال لقضاياهم …أبحث عن وجه “أبو ضيف” الذى لم أصادقه ولكن صديقة لى تشاركني غرفتي كانت تعرفه فتحت بابها وهى تصرخ فى وجهي :” الحسينى مات وإحنا ساكتين بكرة هنموت كلنا وغيرنا هيسكت برضه ” وحينما إحتضنتها كانت تبكى بحرقة وكلما قمت بضمها كانت الدموع تتدفق كالنهر ومعه تتدفق أحلامنا جميعأ إلى بحيرة آسنة تبحث عن قوقعه ما زالت صامدة فيها وهى تجتهد لتخبئ صدفها بداخله فالبحيرة غير صالحة لإستقبال اللؤلؤ .البحيرة الآن تنتظر مزيدا من الدماء الحارة التى يريد لها الإخوان أن تندفع إليها .لينعموا فى الشفاء من أجسادنا ويا ليت الأجساد تريح القلوب الشغوفة بالقتل …..يرحل أبوضيف ويترك لنا إبتسامته ويده تشير بعلامة النصر يقف مصلوبأ وممشوق القوام ولا يعبأ بتلك الحياة التى نضيعها فى العيش المزري …إختار ميتة تليق به وترك لنا آهات توجع ذواتنا ترك شقته التى رتبها بعدما أحضر العفش بها وهو يخبر الحبيبة أن أعداءه لن يستطيعوا النيل من مصر لأن الفكرة سيف كلما ضربتها بالرصاص تنفجر فى كل الميادين لتولد مزيد من الشهداء …لم يكمل الترتيب بشقته وقبل ميعاد الفرح حدد له الإخوان ميتة تليق بعدو يستحق الإحترام
…أفتح نافذة “الفيس بوك” على إخواني يسمى “محمد النجار “يضع صورة إبنه الصغيرعلى صفحة بروفايله ووجه الطفولى يفتح شهيتى على قراءة كومنت صغير يعبرعن رأيه لخبر وفاة صحفى معارض .لم يترك الوجه الطفولى متسعأ لى للتأمل فى ملامحه الملائكيه فصدمة الشماتة فى الموت شلت تفكيري لبرهه. جاءت الجملة صادمة ومفتتة وقاتلة ومصوبة لقلبي الرصاص الحى الذى إغتال رأس الحسيني وأنا أقرأ تعليقه “كلب من الكلاب مات ” أردت أن أخبط اللاب توب على الأرض حتى يتحول إلى فتات، وأنا أقرا الغل مكتوب بحروف من الآسى .لم أبكى هذه المرة على الحسينى بكيت بحق على القلوب التى ماتت بل تحجرت بكيت على مصر التى إنقسم أبناؤها بعدو حدتهم أمام الموت . الشيئ الوحيد الذى كان متسعأ لنسيان كل الأحقاد وكل الخطايا والغل المستتر وترك مساحة من الرحمة والتشفع ونحن نسمع خبر وفاة عدو من أعدائنا كانت الكلمات تخرج من الأفواه صامتة ولا تستطيع التجاوز وتبقى جملة واحدة تنطقها الألسنة ” البقاء لله ولا حول ولا قوة إلا بالله ” …اليوم هم لا يحبون الرحمة فقط يتفرغون لنبش سيرة الموتى و ذكراهم وإنتظار لحظة التمني فقط لرؤية الجثث تتقطع أمامهم وتسيل منها الدماء على أبواب مدينة الإنتاج الإعلامى وهم يعتصمون ويرفعون قائمة سوداء لأسماء الإعلاميين الذين سيتم إغتيالهم وهم يذبحون العجول ليأكلوها فى مشهد يثير شهية 50 مليون مواطن تحت خط الفقر يمنحون الفقراء عرضأ مستفزأ لإيذاء بطونهم الخاوية على عروشها ،وهم يرقصون على الشريعة التى تنتحر منهم كل يوم وتعلن براءتها منهم.
صور الحسينى التى إلتقطها كانت حدا للردة على الشريعة التي تتخفى وراء اللحى الطويلة لتخفى فى الجيوب مليارات تتدفق لتنفيذ أجندات خارجية تعاقب المصريين على ثورتهم وتنشر الفوضى بإتقان.أموال تكفى لتدفئة الأطفال المشردين فى العشوائيات التى لا تجد سريرأ يفرق بين أخ وأخت لتأتى القوى الإسلامية وهى تريد تطبيق حد الرجم على زنا المحارم لعدم التفرقة فى المضاجع ..الأموال التى تتدفق فقط إلى الوجبات الغذائية فى أتوبيسات الحكومة لتعطى درسا متبجحأ فى سرقة أموال هذا الشعب لنقل مؤيدى الرئيس لقصر الإتحادية، وخيرت الشاطرالعقل المدبر للإخوان يرسم خطتة للقضاء على المعارضة التى تعتصم ضد سلق الدستور أمام قصر الرئيس …
كل شيئ يباع ويشترى بإسم الشريعة وليس لك يا مصر سوى توديع أمثال ” أبو ضيف “لأنهم يصورن فضائح أنصار الشريعة وعجولها …..أيها الحسيني قم فصور…صور قلوب الأمهات التى تنفطرعلى أطفالها الخمسين فى حادث قطار أسيوط وزوجه الرئيس تتجاهل مصابهم وتترك فى طريقها أم “جيكا البرادعى” وهى تغرق فى البكاءعلى إبنها الذى إغتالته ميلشيات الإخوان وهو يهتف فى شارع “محمد محمود”ويطالب بحق الشهداء، وتتوجه إلى منزل “إسلام الإخوانى ” لتشاطره العزاء فى إبن من أهل العشيرة ….قم وصور لوحة شيخ يجوب فى ميدان التحريروهو يستند على عكاز صغيرفى يده اليمنى ويعلق على ظهره ” قال بيقول أهلى وعشيرتى آه آه آه …يامصيبتي ” ويده اليسرى تستند على كتف حفيده الصغيرالذى يرسم علم مصر على جبينه وهو يغنى “يا بلادي يا بلادي أنا بحبك يا بلادي “.صور يا حسيني علم مصر الذى يفترشه السلفيون أمام جامعة القاهرة للجلوس عليه وهم يؤيدون الرئيس وعلم الجماعة يرفرف على شجرة تتساقط على رأس أحد المؤيدين فيموت أسفلها… صور حبيبتك فى آخر الكارت فالوطن متسع للجميع ولا يتسع فقط للعشيرة ……….!!
* كاتبة من مصر