قصص عن التدريب


باولو كويلو



رعاية المرء لنفسه

قال المتدرب لمعلمه:” سعيت إلى الاستنارة على مدار سنوات عديدة، وأحس الآن بأني أدنو منها، وأرغب في معرفة كيف أخطو الخطوة التالية”.

رد المعلم:” إن الرجل الذي يعرف كيف يسعى إلى الاستنارة يعلم أيضا كيف يرعى نفسه.. فكيف تقوم بأودك؟”. فرد المتدرب:” هذه لا تعدو أن تكون جزئية بسيطة، فلدي أبوان ثريان يساعدانني على امتداد الدرب الروحي الذي أسلكه، ولهذا فإن بمقدوري أن أكرس نفسي للوصول كلية إلى الاستنارة”.

وعقب المعلم:” حسنا سأوضح لك الخطوة التالية، فما عليك إلا أن تحدق في الشمس نصف دقيقة”. وهنا أطاع المتدرب ما أُمر به، وعندما انتهى من ذلك، طلب منه المعلم أن يصف له المشهد الطبيعي من حوله، فرد :” لا أستطيع ذلك، فالشمس خطفت نظري”.

علق المعلم على ذلك :” إن الرجل الذي يثبت ناظريه على الشمس ينتهي به المطاف إلى أن يفقد بصره، والرجل الذي يتطلع إلى النور وحده ويلقي بمسؤوليته على كاهل الآخرين، لا يجد ما يسعى إليه أبدا”.



تخصيب الحقل

عهد معلم إلى أحد طلابه برعاية حقل أرز، وفي العام الأول، راقب الطالب الحقل للتأكد من أن الماء المطلوب سيكون متوافرا، فنما الأرز قويا، وكان المحصول جيدا. وفي العام التالي واتته فكرة إضافة القليل من السماد، فنما الأرز بسرعة، وكان المحصول أوفر.

وفي العام الثالث، استخدم الطالب المزيد من السماد فكان المحصول أكبر، ولكن الأرز نما صغيرا ومفتقرا إلى البريق. فقال المعلم:” لو أنك واصلت زيادة السماد فلن يكون لديك في العام المقبل ما تحصده، فأنت تقوي أحدهم عندما تساعده قليلا، ولكنك تضعفه عندما تساعده كثيرا.



طريقة النمر

كان رجل يشق طريقه في غابة عندما رأى ثعلبة تعرج، فحدث نفسه قائلا:” كيف تغذي هذه الثعلبة نفسها؟”.. وفي هذه اللحظة، اقترب نمر بينما كان قد أحكم فكيه على فريسة، فأشبع جوعه وترك الباقي للثعلبة. وحينه، حدث الرجل نفسه :” إذا كان الله يساعد هذه الثعلبة، فلا شك في أنه سيساعدني أيضا”.

وعاد إلى داره وأوصد بابه عليه، وانتظر أن تبعث له السماء بالرزق، فلم يحدث شيء، وعندما غدا أكثر ضعفا من أن يخرج من داره للعمل، دنا منه ملاك وقال له:” لماذا قررت أن تقلد الثعلبة العرجاء؟ انهض من مرقدك واحمل أدوات عملك، واتبع طريقة النمر”.



هل سيعرف أحد الفارق؟

اصطحب والد ابنيه لمشاهدة مباراة رياضية، وعند مكتب بيع بطاقات الدخول، أراد أن يعرف ثمن البطاقة، فقال له الرجل الواقف في المكتب: “ثمن بطاقة الدخول للكبار خمس قطع نقدية، وثلاث قطع لمن هم فوق السادسة من العمر، أما من هم أقل من ست سنوات، فالمشاهدة مجانية”. .

قال الأب:” إن ولداي، أحدهما في الثالثة من عمره، والآخر في السابعة، وسأدفع ثمن بطاقة لأكبرهما”. فرد الرجل :” يا للسخافة.. كان بمقدورك أن توفر ثلاث قطع نقدية لمجرد أن تقول إن الابن الأكبر عمره تحت ست سنوات، فما كنت لأعرف الفارق”.

رد الأب قائلا:” ربما كان هذا صحيحا ولكن الصبيين كانا سيعرفان أنني كذبت، وكانا سيتذكران المثل السيئ الذي ضربته لهما طوال عمريهما”.



الإعدام شنقا

بينما كان جمع من الناس يمضي في طريق، شاهد مجموعة من الجند، تصطحب رجلا حكم عليه بالإعدام شنقا. وعندها، قال تابع لأحد فرق الصوفية، معلقا على المشهد:” ذلك الرجل شرير، فذات مرة أعطيته قطعة نقدية فضية لمساعدته على الخروج من بؤسه، لكنه لم يفعل شيئا يذكر أو ينتمي إلى الخير بصلة”.

وقال صوفي آخر :” ربما كان شريرا، ولكنه الآن يمضي إلى المشنقة بسببك، ربما استخدم المال الذي أعطيته إياه لشراء خنجر، وانتهى به الأمر إلى استخدامه لارتكاب جريمة، وفي هذه الحالة فإن يديه ملوثتان بالدم أيضا، فأنت بدلا من أن تدعوه بالحب والشفقة، فضلت أن تعطيه صدقة وتتخلص من التزامك نحوه


( البيان الإماراتية )

شاهد أيضاً

الكاتب والكِتابة وأثر فيرتر

(ثقافات)  الكاتب والكِتابة وأثر فيرتر مصطفى الحمداوي يقول أومبرتو إيكو بإصرار لافت للانتباه: “لطالما افترضتُ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *