حسين درويش *
السكوت عمّن يهدم أخلاق الثورة أشبه بالسكوت على القتلة، وهدم الأخلاق يكون بطرق متعددة أسوأها تلك التي تقتات من دم الناس وقُوّتهم، والأمثلة شاهدة أمامنا أكثرها وضوحاً عمليات الخطف والفدية وترويع البشر في بيوتهم وأشغالهم، وما خفي كان أعظم، حيث يتلطى خلف اسم الثورة كل أزعر ومارق وقاطع طريق وأفاق يريد منفعة دنيئة وليس هدفاً نبيلاً.
ببساطة يمكن القول إن من ينشق عن النظام أو عن الجيش أو عن جهة رسمية لها علاقة بالنظام، يضع روحه على كفه ويخاطر بحياته ويمكن أن يتعرض للقتل لحظة انشقاقه، كيف يمكن لشخص كهذا أن يسرق أو يغتصب أو يعتدي على أعراض الناس وأرواحهم، وهل يعقل أنه خاطر بحياته لأجل غاية دنيئة قد تؤدي إلى موته.
شخصياً لا أعتقد ذلك لأن من يملك روحاً نبيلة ويخشى على أهله وعرضه ووطنه لا أظنه يعتدي على أعراض الناس أو يخون وطنه من أجل حفنة دولارات، كما علينا أن ندرك أن الذين يضحون بأرواحهم في سبيل أهداف سامية يترفعون عن سرقة وضيعة لا تساوي في سلوكها بين مجرم أُطلق بين الناس وبين ثائر يفديهم بدمه.
أما هؤلاء الذين يطعنون في أخلاق الثوار ويهاجمون الثورة فقد انتهجوا سياسة عرجاء للإساءة إلى الثورة، تلك الثورة التي تغنوا بها في أدبياتهم ونضالاتهم وزينوا مكاتبهم بمفرداتها المستوردة، مفردات جاءت من الاتحاد السوفييتي والصين الشعبية، ولكن عندما نبعت الثورة من الحاجة الشعبية انقلبوا عليها كمفهوم عام واستبدلوها بكلمة الفوضى وأصبح الثوار خونة والمفكرون متآمرين!
لا أحد ينكر، لكل ثورة أخطاؤها، ولطالما كانت الثورات عبر التاريخ محرقة تأكل أبناءها، لكن أن تصبح الثورة هدفاً للإساءة من قبل منتفعي الأنظمة، هنا يجب علينا الوقوف في وجه هؤلاء دفاعاً عن ثورة ذهب في أتونها عشرات الآلاف من الأبرياء والشرفاء، وليس من المنطق في شيء أن نتفرج على هؤلاء الذين يرمونها بالحجارة وهم يدركون أن جدرانهم الزجاجية سقطت منذ أول حنجرة هتفت (الشعب السوري ما بينذل).
* كاتب سوري مقيم في الامارات
( البيان )