* موسى حوامدة
كثيرةٌ هي الرسائل والردود التي وصلت حول ما كتبناه عن الراحل محمود درويش، ولم نتوان عن نشر الردود المعارضة أو المؤيدة، فقد نشرنا للأستاذ سامي مهدي ردين يدافع فيهما عن حق درويش في الأخذ من التوراة، وقد اخترنا بعض الردود لبعض الشعراء العرب المعروفين ومنهم باسم النبريص الشاعر الفلسطيني، ويوسف رزوقة الشاعر التونسي المعروف، ومحمد أحمد بنيس الشاعر المغربي وعماد فؤاد الشاعر المصري. والناقد العراقي محمد صابر عبيد. والشاعر العراقي باسم المرعبي .
ونؤكد هنا أننا لم نتناول تجربة درويش ونصوصه لولا الأهمية العالية لإرثه الشعري، ولكننا مع النقد البناء وليس الهدام، والنقد الذي يروض السعار الذي يطلقه البعض لمجرد أننا تناولنا درويش وكأنه تابو مقدس لا يجوز تناوله، وهذا ما يؤكد أن المشكلة ليست مع درويش ولم تكن معه بل مع “المتدروشين” حقا وباطلا، وهنا بعض الردود..
العزيز موسى
تابعت ما كتبته عن درويش، وقد لاقى في نفسي هوى لكونه نقدا لأطروحات تأليه المبدع، وتصنيمه ليصبح من ثمّة فوق النقد وهذا ما لا يجوز في نظري. لقد عشنا، قبل عشرين سنة أو أكثر، المعركة نفسها مع شاعرنا الكبير أبي القاسم الشابي، ورفضنا وقتها تأليهه وتصنيمه ولم نر فيه النخلة التي تغطي الواحة رغم كونه رمزا شعريا لا غبار عليه، بل أني دعوت شخصيا في حوار لي أجراه معي ياسين رفاعية في مجلة “الدستور” الصادرة بلندن والتي انقرضت، دعوت إلى قتل الشابي حتّى يظل بعيدا عنّا، قريبا منّا وفعلت الشيء نفسه في ندوة لكتابات معاصرة جمعتني بعبد الوهاب البياتي ومحمد علي شمس الدين وآخرين دعوت فيها إلى قتل الأب المتسلط أمثال الشابي وسائر الشعراء الرواد، الشيء الذي أزعج صديقنا البياتي وقتها واتهمنا بأننا أبناء قتلة، وصديقنا درويش شاعر كبير ولا غبار عليه ولكونه كذلك فإن نقدنا له يزيده توهجا وحياة حتى وهو في قبره ولا عيب في نظري أن نشير إلى عيوب في نصوصه، إن وجدت، وهي المنشورة أصلا من أجل أن تكون في متناول الجميع قرّاء ونقّادا بل أحسب أن درويش سيسعده وهو في قبره أن يرى شعره يشغل الناس ويحرك سواكنهم نقدا وأيضا انتقادا.
ودمت شاعرا وصديقا
مع محبتي
يوسف رزوقة
*******
الصديق الشاعر موسى حوامدة
نحن بحاجة الى القراءة النقدية لا التمجيدية المجانية التي غالباً ما تتعامل مع نصوص شعراء طبقة درويش، وحتى لا يُفهم رأيي هذا على محمل آخر فأقول اني محبٌّ لشعر درويش وأرى فيه بعداً انسانياً وجمالياً قلّما توفّر لشعراء آخرين هم من “الشهرةّ” ومنزلة الدعاية بموازاة درويش، لكن هذا لا يمنع من كشف المواطن القابلة للنقد والمؤاخذة إذ لا نريد أن نكون مثل بعض المنافحين والمدافعين عن درويش حقاً وباطلاً، فحين كتب شوقي بزيع مثلاً عن وجود بعض الأخطاء أو الخلل العروضي عنده قامت قيامة بعض العبيد وكأن الرجل لا يخطيء أو لا يأتيه الباطل من بين يديه أو من خلفه، وهم بذلك يحمّلونه ما لا يطيق إذ يخرجونه من خانة الانسانية الى الروبوت ربما.
ولأنّ الشيء بالشيء يُذكر فإني أذكر ـ وعلى استحياء ـ انّ درويش قد أخذ من مقال لي عن الشعر بعنوان: “الشعر حرفة اليد والقلب وكامل الحواس” منشور في القدس العربي وأعادت نشره جهة الشعر بعد ذلك بفترة، وانا مسؤول عن قولي هذا، قرأت تصريحاً ـ منشوراً ـ له يقول فيه: “الشعر حرفة وهواية” ويمكن تتبع ذلك زمنياً والأرشيف يحفظ كل شيء.
في نيّتي كتابة شيء ٍعما اثرته في موضوعك أيها الصديق. لأن المسألة أبعد من نقد نصوص أو شاعر، بل تتعلق ببنية ثقافية جانحة نحو البطريركية، وسأعلمك بذلك حين النشر.
أجدد لك التحية والتقدير لما أثرته راجيأ تعزيز عملك هذا بالتوسع وبالتوثيق فأرى فيه مشروع كتاب ربما
وكفانا صنميةً في السياسة،
فلا للأصنام في الشعر والثقافة أيضاً.
باسم المرعبي
شاعر عراقي
*******
الأستاذ المحترم موسى حوامدة
تحية طيبة
أحييك على مقالتك الرائعة، التي تكشف، بشكل أو بآخر، بعض الأمراض التي تطبع حياتنا الثقافية. في تقديري المتواضع أن تعامل قطاع واسع من المثقفين وغير المثقفين مع درويش بهذه الطريقة التنزيهية، سببه طبيعة الثقافة العربية ذاتها؛ إنها ثقافة تنبني على السلطوية، بمعنى أن ظروف مختلفة، ساهم ربما درويش في بلورة بعضها، مثل كونه كان مقربا من السلطة الفلسطينية، وهي جزء من النظام الرسمي العربي؛ في السياق الثقافي العربي الظروف مهيأة لخلق الحاكم الأوحد والقائد الاوحد والشاعر الأوحد………. كذلك اتكاؤه على المنبرية الواضحة في مساره الشعري بما لها من تأثير نفسي على الذائقة العربية كان له دور كبير.
أذكر في حوار له مع التلفزيون المغربي أنه قال أنه وشعراء جيله أعفوا الأجيال القادمة من الشعراء الفلسطينيين من تناول المأساة الفلسطينية، بمعنى خلاص؛ انجزت هذه المهمة، وهذا أظنه خطأ؛ نحن لا نعرف تطورات الوضع الفلسطيني في العقود القادمة على مختلف الصعد، كما أن هذا فيه إقفال باب الاجتهاد واللإبداع..
ما ذكرته بخصوص ألاخذ عن الغير واضح، لكن غياب فعل القراءة والمتابعة لدى قطاعات واسعة من المجتمع العربي، لأسباب مختلفة، تجعل النظر إلى الأشياء يتسم بعدم الموضوعية وهذا ما يحدث مع شعر درويش.
لماذا نتحدث عن مثقفين عرب كثيرين أنهم مثقفو أنظمة، أو لم يكن درويش مثقف نظام، الم يكن عرفات حاكما عربيا؟ يجب أن توضع الاشياء في سياقها
أكيد أن درويش كان شاعرا كبيرا، لكن يجب وضع تجربته في سياقها التاريخي سياسيا وثقافيا. لا يمكن فصل شعره عن المأساة الفلسطينية بكل منعرجاتها؟ كما ان قراءاته الممتعددة ساهمت في طبع واثراء شعره وهنا نسجل غياب نقد موضوعي يتعاطى بكل تجرد مع منجز درويش الشعري.
هذه بعض الانطباعات عزيزي التي أثارتها مقالاتكم الجميلة.
تحية طيبة من طنجة
محمد أحمد بنيس
*******
شاعرنا الجميل والكبير الأستاذ موسى حوامدة
تحياتي الطيبة
أحببت أن أكتب إليك اليوم كي أقول إنني أحييك على هذه المقالات الأخيرة التي تناولت فيها محمود درويش،
أتفق معك في كثير – كثير جدا في الحقيقة – مما قلته
وأحيي شجاعتك ودأبك
أرفض تحويل كتابنا إلى أصنام تعبد
وعلينا على الدوام المساءلة كما تفعل الآن
فزمن (السمع والطاعة) ولى
وزمن (لا مناقشة ولا جدال) لم يعد له وجود
دع الذين يحاولون تصنيم درويش يفعلون
فهم من فصيلة “لا أسمع ولا أرى و.. لن أتكلم”
محبتي وتقديري لك على الدوام
عمـــاد فـــؤاد
شاعر مصري