أنا الغريب – قصيدة


حبيب الزيودي

( من قصائد الشاعر الأردني الراحل حبيب الزيودي )

تأتي القصائد أحياناً بلا لغةٍ ولا حريرٍ ولا حبرٍ ولا ورقِ
كأنها ظبيةُ في البرِّ لا وقفتْ على غديرٍ ولا سارت على نسقِ
إن لم تجد شاعراً تأوي لوحشته ولا دمَ الشمسِ مذبوحاً على الأفقِ
مشتْ إلى باطلٍ أو ألّفت بطلاً وعلّقت نزفَها شالاً على الشفقِ

أنا امرؤ القيس، مسموماً، وفاطمة تنضو الثياب، من الكعبينِ للعنقِ
في خصرها كلّ ما في الضوء من لغةٍ، وفيّ ما فيّ من مسٍّ ومن نزقِ
لم انسكب أبداً حبراً على ورقٍ أنا النؤاسيُّ مسكوباً مع العرَقِ
سدومُ لا أهلها أهلي وعشتُ بها لا أطمئنّ إلى خَلْقٍ ولا خُلُقِ
بارى اللئام على جرحي ومسغبتي بها اللئام كمن ساروا إلى سبقِ
تبسّموا عندما أصغوا إلى نفسي وتمتموا عندما أصغوا إلى رمقي
فصرتُ لما عدمت الناصرين بها أعوذ بالله بين «الناسِ» و «الفلقِ»
أصحو على أرقٍ فيها فيصحبني إلى المنام لكي أغفو على أرقِ

أنا المغنّي ورأسي كان متّفقاً مع المديح وقلبي غير متفق
أنا الغريبُ الذي لا نارَ تؤنسه في الطورِ والليلِ من خوفٍ ومن قلقِ
أماميَ البرُّ مفتوحاً على ظمأٍ وخلفيَ البحرُ مفتوحاً على غرقِ
أسيرُ كلَّ صباحٍ لا أرى أحداً رغم الزّحام الذي ألقاه في الطرقِ

شاهد أيضاً

كأس وظلال

(ثقافات) كأس وظلال عبد القادر بوطالب تلك الظلال التي طوت تفاصيل أجفاني سارت خلفي ما …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *