علي السوداني *
( ثقافات )
أول البارحة ، وكان الميقات عصراً ، وصلتني من بيروت الحلوة ، دام جمالها وظلّها وفيروزها ، وحماها الربّ الكريم القادر ، من كلّ مفخّخٍ رجيم ، وصلتني ثلاث نسخ بائنات ، من كتابي الجديد ” مكاتيب عراقية … من سفر الضحك والوجع ” ألمجلّد الثالث . سأصنع الليلة ، اعلاناً طيباً عنه ، في هذه الحرثة المبروكة ، من الجريدة . أغلب الظن أن صاحب الزمان لن يزعل ، فأنا أهشّ الحروف هنا بعصايَ ، منذ خمس عشرة سنة ، وأرى أنَّ لي حقاً في الإشهار . طبعة فخمة ، خرجت من باب الدار الأهلية للنشر بعمّان ، وصاحبها وساقيها وراعيها الحميم ، أحمد أبو طوق ، الذي لم يكلّفني حتى وسعي وما ملكتْ يميني . كلفة الكتاب الضخم ، لم تتجاوز دندنات رحيمة ، من مثل ، صباح الخير عيني أحمد ، أو مساء الياسمين حمادة صديقي ، أو كأس العوافي أحمد عزيزي . سأسلخُ إضاءة مزيدة دسمة ، من خاصرة مفتتح الكتاب ، فأكتب وتقرئون ، وأُسعَد وتُسعدون من فحوى ومحوى النتاج ، وأيضاً ، سأضرب سبعين عصفوراً بحجر واحد ، منها أنني سأُنهي مكتوبي الليلة ، بكدٍّ خفيف ، وأُشهر بضاعتي الجديدة ، وأخرج من المولد ، بحمّص عظيم . إليكميّاها اذن :
بعد قليل من الآن ، أنتم بمواجهة قراءة – قد تكون ممتعة – في المجلد الثالث من كتابي ” مكاتيب عراقية … من سفر الضحك والوجع ” ، وفي مؤخرة الكتاب ، ثمة قراءات ومصطفيات وإضاءات ، عنّي والمكاتيب ، كتبها – في أزمان مختلفة – أحد عشر كاتباً وأديباً ، وتتشارك – يا لها من مصادفة صرف حدثت ، لكنها ممتعة – بأنّ عنواناتها المضيئات التامّات – كلها – تشعّ بإسمي ومسمّاي . شخصياً ، أنا مستمتع ومستأنس ومرتاح ومزهوّ ، بهذه المصادفة الإلهية الرحيمة ، لكن ، قد يحسّ بعضكم – ألصحب الأدباء خاصة ، حيث ورم الأنا الخبيث – بشيء من الإنقباض والتنفير . أنا أتعاطف تماماً مع ما تشعرون وتحسّون !!
أيضاً وأيضاً ، سينفر آخرون ، مما قد يظنّ أنه من مكرورات الكلام الداخل في باب إعادة إنتاج بضاعة عتيقة – هذه من إفتراضاتي – وبودّي وعزمي ها هنا ، طمأنتكم ، أنّ شيئاً من هذا لم يقع ، فإن حدث بعض تكرار ، فهو من دفتر تراكم الأيام فوق بعضها ، مما يستولد صوراً ومفردات وإزاحات وطرائق سرد ، واحدة تشمّ أخيّتها شمّاً ، فتسرق بعض عطرها وحرفها ، أو جاء تيمناً بسنّة من سنن موجودة في ما كتبه أوّلون – أظن أن الكتب المقدسة كذلك – وتالياً ، متأخرون ومجددون ، وإن أطلنا ، فللإطالة موضع . كتابي هذا الذي أرجو أن تأخذونه بقوة ، سيكون مكتظاً بالأسماء ، حتى ليخيّل إلى القارىء الرائي إليه ، أننا لم نوفر إسماً من أسماء جمهرة الأدب والفن والشارع والحارة والحانة ، إلّا وجئنا على ذكره ، مدحاً أو قدحاً ، أو ضرورة . حشد من الناس المختلفين ، كأنهم بين دفّتي محشر لا حدّ له . لا تنزعجوا كثيراً من المسألة ، فهي – أيضاً – ليست من باب المحاشي أو لوك الكلام ، بل هي من ضرورة رسم الواقعة مع وجود وسيلتها ، أو مفتاحها . تأريخ لطيف لكائنات قامت ، وأخرى بادت . بعد هذه وقبل تلك ، فإنّ بعض المكاتيب والحكايات ، ينبغي أن تُقرأ على قاعدة تأريخها الذي انولدت فيه ، فقد تجد في واحدة من المقروءات ، مفردة البارحة ، وهذه لا تعني بالضرورة ، بارحتك القائمة ، بل قد تكون ” بارحة ” وقعت قبل ثلاث سنوات . قد يحتاج بعض القارئين ، من الثغور والأمصار والمجاورات من أهل الضاد ، إلى معجم سمين ، يفك معاني الكلمات المرسومة هنا ، باللهجة العراقية المحببة ، وأظن أن المسألة ليست عويصة ولا مهلكة ، بوجود أربعة ملايين عراقي وعراقية ، رشّتهم الأيام السود المصخمات ، على أرض الشتات !!
أخيرها : ستجدون ” أناي َ ” عالية ، متضخّمة ، صائحة ، مشعّة … لا تنزعجوا رجاءً !!