قصيدتان


سعدي يوسف *


غرفة الاستقبال
قالت : سأنام هنا ، في هذي الغرفةِ …
( كانت عائدةً من سفرٍ لتظلَّ معي أيّاماً )
قلتُ لها : البيتُ لكِ
اختارِي أيَّ مكانٍ منه مبيتاً .
قالت : لن تزعلَ مني ؟
قلتُ : وهل أنا إلاّ أنتِ ؟
البيتُ صغيرٌ
والغرفةُ صُغرى ، لكنكِ سوف تنامين وأحلامَكِ
سوف تنامين وأحلامي ؛
سننامُ معاً ، معتنقَينِ ، وإنْ كنّا في غُرُفاتٍ مختلفاتٍ !
…………….
…………….
…………….
كانت تلك الليلةُ باردةً
والثلجُ نديفٌ يتألّقُ بلّوراً فسفوريّاً في الأشجارِ.
دخلتُ إلى الغرفةِ حيث تنامُ ، مُنَعّمةً كالطفلِ
وألقَيتُ عليها مُطْرَفَ صوفٍ من مرّاكشَ …
لم تتحرّكْ
لكنّ الوجنةَ صارت تتورّدُ .
كنتُ سعيداً .
لندن 18.10.2012

مطار هيثرو ــ المحطة الخامسة
Heathrow Airport Terminal 5

لقد كان ذاك الصباحُ المـبكِّرُ محتدِماً :
هي راحلةٌ نحو عاصمةٍ عند بحرِ الشمالِ
وأنا ، الـغِـرَّ ، أدخلُ شيئاً فشيئاً ، إلى عُمْقِ قوقعتي …
مطرٌ ورياحٌ ترافقُنا .
كان سائقُ سيّارةِ الأجرةِ ، الجهمُ ، ممتقعاً
( هوَ من أسفلِ الهندِ )
كاد الطريقُ يغيبُ …
*
لم أعرفْ لماذا الصمتُ ؟
لم تنطقْ .
ولم أنطقْ …
كأني لستُ أقدرُ أن أُوَدِّعَها .
*
لقد أفنَيتُ عُمري في الطريقِ إلى المطاراتِ العجيبةِ
غير أني الآنَ أفقدُ أيَّ إحساسٍ ؛
وأيّةَ وجهةٍ …
والسائقُ الهنديُّ يمضي .
أين يمضي بي؟
بها ؟
*
كان الطريقُ يغيمُ
كان يغيبُ …
قالت لي صديقتيَ التي ستكونُ في بيتٍ على بحر الشمالِ :
أراكَ تبكي !


 


لندن 21.10.2012



شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *