أهلاً .. بمهرجان أبوظبي في داره


ناصر الظاهري *

قبل أربع سنوات، وحينما ظهر مهرجان أبوظبي السينمائي لأول مرة، وكان وقتها اسمه “مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي”، كتبت عموداً من 350 كلمة، أتمنى فيه من الإخوة القائمين على المهرجان آنذاك، أن يراعوا بعض النقاط التي تحمل نقداً لا انتقاداً، كما فهموه، فرجموني بـ 3500 كلمة، رداً على مقالي، “بدءاً بالمدعو ناصر، وانتهاءً بأنني لا أحب مصر”، ولا أدري ما هو دخل الحسين في عشائنا، كما يقول المثل، يومها كنت طرحت على الإخوة، ومن يهمه أمر المهرجان، ثلاث نقاط أراها هي حجر الأساس للمهرجان السينمائي الناجح كما نريد: أولاها؛ ما هو سبب تسمية مهرجان أبوظبي السينمائي، بمهرجان الشرق الأوسط؟ فما دامت أبوظبي هي التي تمول وتدعم المهرجان، وخيره من “بيب الظنة”، فالأجدر أن يسمى باسم المدينة، ويحمل اسمها للعالم، وتستفيد منه في الترويج السياحي، وسياحة المؤتمرات، وغيرها من الفعاليات الاقتصادية والثقافية والفنية، وهو كذلك أمر متبع كعرف في العالم ومهرجاناته السينمائية المحلية والدولية، “بدءاً من مهرجان كان، لتورنتو، لكارلو فيفاري، لبرلين، للندن، للقاهرة، ومراكش وغيرها”، فما هو السبب أن تتنازل أبوظبي عن اسمها وحقها في مهرجانها إلى اسم مبهم هو “الشرق الأوسط”؟


أما النقطة الثانية، وهي قانونية، وتخص أموراً فنية، ومقاييس عالمية في التقويم والتقييم، وهي صفة “الدولي”، من أعطاهم هذا الحق؟ ثم إن هناك شروطاً والتزامات ومقاييس يخضع لها أي مهرجان بعد سنوات من التجارب ليمنح الصفة الدولية، وهي صفة ليست دائمة، فمتى ما أخل أي مهرجان بأي شرط من الشروط الدولية المنصوص عليها، سحبت منه الصفة الدولية، وقد تعاد له بعد تلبية الشروط من جديد، والتعهد بعدم خرقها ثانية، وقد حدث أكثر من مرة، كما هي الحال مع مهرجان القاهرة السينمائي الدولي؛ لذا كان لازماً شيء من التواضع، والدراية، وأن لا نلصق الدولية على مهرجان في سنته الأولى المرتبكة، أما النقطة الأساسية الثالثة، فهي الاعتناء والتريث في تسمية مدير المهرجان، فقبل التعيين والتوطين علينا التدريب والإعداد والتمكين، من الناحية الثقافية والفنية وإتقان اللغات، وأن يكون شخصية ذات حضور اجتماعي وثقافي لافت على الصعيد العربي والعالمي، هذه كانت متطلباتي الأساسية، والتي كنت وما زلت أعتقد أنها ركائز للمهرجان السينمائي الناجح، واليوم وحين عاد المهرجان إلى أبوظبي، وأرضه ذات الطول والعرض “two four 54” وأصبح اسمه مهرجان أبوظبي السينمائي، ولا يذيل بالصفة “الدولي”؛ لأنها صفة واجب، قبل أن تكون حقاً، فقد اطمأن قلبي؛ لأن الهدف والمراد أن يكون مهرجاناً يليق باسم العاصمة، وثقلها الثقافي الجديد، وأن يكون متجدداً ومتميزاً، ولعلها من المرات القلائل – إن كان تواضعاً – والتي لا أرضى فيها “من الغنيمة بالإياب”، فأهلاً بمهرجان أبوظبي السينمائي في داره!



* أديب من الإمارات


( الاتحاد )

شاهد أيضاً

فرويد وصوفيا في جلسة خاصة

(ثقافات) فرويد وصوفيا في جلسة خاصة د. صحر أنور جلس سيجموند فرويد أمامها ينظر إلى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *