السيد نجم
هذا الكتاب هو الأول فى موضوعه، فلم يتصدى أحد الكتاب لموضوع “الرقابة” على السينما قبله. وهو الكتاب الأول والوحيد لكاتبه الناقد المخضرم “حسين بيومي”، رغم نشاط الكاتب النقدي فى الكتابة النقدية بالصحف والمجلات، والمشاركة فى النشاط الثقافي السينمائي (فهو سكرتير عام جمعية نقاد السينما المصريين). بينما خرج الكتاب مزيجاً متنوعاً بين أشكال الكتابة وأيضاً مع تنوع الأقلام والأفكار فى المحتوى.. وربما هذا ما دفع الكاتب إلى كتابة عنوان المقدمة بـ “مقدمة المحرر”..
وكأنه اكتفى بتحرير المواد المتنوعة وحسب! يناقش الكتاب بعض القضايا المتعلقة بالرقابة، منها كيف تكون الرقابة في عصر الشبكة الالكترونية أو العنكبوتية، حيث يمكن الحصول على المعلومات من مصادرها؟! وبالتالي ما معنى “الرقابة على المصنفات الفنية”؟ ولماذا يوضع فن السينما إلى جوار وسائل أخرى مثل الأغنيات والفانوس السحري وشرائط الكاسيت والمعارض والمسرحيات.. الخ.
ويرى البعض أن فن السينما عابر للحواجز بعد الفضائيات، ويجب أن يكون تنظيم (وليس رقابة) المصنفات الفنية، قائم على نوعية الجمهور.. فالفيلم الذي يعرض فى المهرجانات العالمية، يختلف عن الذي يعرض على الجمهور العريض التقليدي، وبالتالي النظرة إلى المعايير الضابطة، يجب أن تختلف. كما يطالب البعض بأهمية نشر التقارير السنوية للرقابة على الأفلام المصرية والأجنبية. وقارئ الشهادات التي تعني عرض خبرة صاحب الشهادة مع الرقابة على السينما، يغلب عليها الرفض والانفعال إلا شهادة “محفوظ”.
وهو الذي تولى مهمة الرقيب فترة ما، وشرح طريقة عمله بأنه شكل اللجنة من ثلاثة فنيين.. يرى أن بنود الرقابة العامة لا خلاف حولها مثل “المحافظة على الآداب العامة والقيم العليا”. أما الحكم على العمل فيتمثل في رأي اللجنة بالموافقة أو الموافقة مع تحفظات أو رفض.
وفي حالة الرفض يعرض التقرير لمناقشته معه شخصياً. وسرد محفوظ تجارب عملية مع صديقه المخرج “عزالدين ذوالفقار، الذي اعترض على رأي اللجنة في “رفض أغنية” في فيلم من إخراجه، وأخبره محفوظ بإمكانية التظلم منه في مستوى أعلى (وزير الثقافة)، وانتهى الأمر برفض الأغنية وشطبها من الفيلم. أما قسم “الحوارات” فتضمن حواراً مع على أبوشادي: الرئيس السابق على المصنفات الفنية، وحواراً مع الدكتور مدكور ثابت: رئيس الرقابة على المصنفات الفنية”. واتضح من الحوارين، قناعة كليهما بإمكانية الاستفادة لجمهور الناس من تواجد الرقيب المثقف الذي عرف عنه رفضه للرقابة على المصنفات.
حيث يعتبران أسلوب ممارسة الرقابة هو الذي يتعرض للنقد إلى حد رفضه، إن كان متعسفاً وجامداً. كما تم التعرض لنماذج من الأفلام الأجنبية التي تم رفضها، ومنها الفيلم الذي يعرض لفكرة تحول أحدهم من مملكة الملائكة إلى مملكة البشر، ويرى الرقيب علي أبوشادي أن فكرة رفض مملكة الله فكرة مرفوضة، خصوصاً أن الفيلم تضمن مشاهد ممارسة الجنس للملاك بعد تحوله إلى بشري. أما قسم “تجارب” فيتضمن تجربة “جمعية الفيلم تحاور مديرة الرقابة”. وهى تجربة ناضجة وتستحق التسجيل.
حيث قررت جمعية الفيلم إقامة ندوة حول أحد الأفلام التي تم رفضها لمناقشة أسباب الرفض والحوار مع الرقيب. ويلاحظ أن الأفلام الأجنبية التي تم رفضها، رخيصة القيمة والدلالة وتجارية، إلا أحد الأفلام الأميركية، وهو فيلم “المراهقات”. وهو يتناول عصابة لممارسة الدعارة، تدفع بأحد الشباب لاصطياد إحدى الفتيات بذريعة الصداقة. وقد تم ابتزاز المراهقة الصغيرة لضمها إلى العصابة بعد أن تم تصويرها مع الشاب، وأثناء الندوة كانت النخبة من المهتمين بالسينما تتحاور مع الرقيب.
واقتنع الرقيب بمجمل الآراء التي رأت أن الموضوع إنساني، ويمكن أن يحدث فى مجتمعات كثيرة، ويمكن أيضاً نزع المشاهد غير المناسبة، وهو ما وافق عليه الرقيب وأعاد النظر فى قراره، وتم إجازة الفيلم وعرضه بدور العرض. وترجع أهمية تلك التجربة إلى الآتي: أن الرقيب المتفتح قد يضيف إلى الرقابة، حيث يولد منحى جديد في سلوكها ورؤيتها، كما أن التجمعات الثقافية للفنون وخصوصاً السينما يمكن أن تضيف إلى الفنون.
( البيان )
الكتاب: الرقابة على السينما القيود والحدود
تأليف: حسين بيومي
الناشر: الهيئة المصرية للكتاب 2012
الصفحات:184 صفحة
القطع: الكبير