توفيق عابد*
في أمسيته “أسئلة الأدب في الربيع العربي” بمعرض عمان الدولي للكتاب الذي اختتم السبت الماضي قال الروائي والمؤرخ المصري يوسف زيدان: إن اللغة التي تحتوينا في خطر، معتبراً أن هيمنة الفرنسية والانجليزية في دول عربية معضلة يجب مواجهتها.
وقال: إن مصر وبلاد الشام تعاني ربما من نقص المستوى التعليمي لافتاً إلى أن الشعب السوري أكثر الشعوب العربية تحدثاً بلغة عربية دون أخطاء نحوية، مشيراً إلى أن الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش في قصيدته “مديح الظل العالي” كان ينتحب على اللغة.
وتابع قوله: إن استشعار الخطر على لغتنا قديم لكننا أهملناه طويلاً لدرجة أن أحد الروائيين ـ لم يذكر اسمه ـ أجاب عندما سئل عن ركاكة لغته بأنها مجرد وسيلة تواصل، ووصف زيدان الإجابة بالقول الفاحش.
وقال: لا يصح أن يكتب الأديب نصاً ركيكاً وإذا لم تسطع اللغة فلا داعي للكتابة، ومع كل نص يجب أن تنفجر اللغة انفجاراً كبيراً ويشتد سطوعها وتكون كالحلي، فالبناء مطلوب والمسألة ليست إفاضة أو فضفضة “الأدب ليس حكاية تحكى على مقهى”.
ووصف زيدان الحاصل على جائزة البوكر العربية عن روايته “عزازيل” بأن البناء الأدبي نوع من الهندسة وجميع الأجناس الأدبية تحكمها بنية هندسية ولا يجوز لبنية الكتابة الأدبية أن تتجمد عند صيغة معينة.
لكن زيدان استدرك القول “لا يصح أن يقدم الأديب ما أسماه زخرفة لغوية وعليه أن يضبط الفكرة المرادة أو المعنى المضمر لما يكتب وإلا يصبح الهدف من الكتابة والقراءة هو التسلية والترفيه”.
وطالب زيدان أمام جمع غفير من المهتمين والمثقفين ورجال الصحافة والإعلام بينهم السفير المصري خالد وفيق ثروت والمستشارة الثقافية هالة يوسف بإعادة النظر بمصطلح الربيع العربي لإشارته المباشرة لحركات التحرر، واقترح تسميته بالتحول أو التغيير العربي. وقال: في البداية كان الوصف مقبولاً لأنه على المستوى المجازي تفتحت زهور ملونة في العواصم التي شهدت أو راقبت الورد الذي تفتح في جنائن مصر.
وقال: إن تفتح الورد لم يستمر أكثر من أسابيع معدودة وانقلب الحال لصيف لاهب ومصالح تقافزت وتلاطمت وتدخل دولي وتفجر أغراض كانت دائماً مدفونة، واعتبر أن المشهد العربي الحالي لا يستقيم مع قولنا الربيع العربي حيث يقتل المئات يومياً في سورية دون أن يعرف أحد التطورات هناك.
وتساءل زيدان وسط مقاطعة عدد من الحضور: كيف يكون ربيعاً يؤدي لاغتيال السفير الأميركي في بنغازي؟ وقال إن السفراء يدخلون بلادنا بعهد أمان وعدم المحافظة عليهم جريمة.
وربط زيدان بين الأدب والحالة الراهنة وقال: إن الحال العربي المعاصر يهدد منطقتنا بالتشظي وقد أثّر في شكل الأدب لأن الأديب لا ينفصل عن الواقع الذي يعيشه والآتي أيضاً، معتبراً أن أي نص جديد يجب أن يواكب ما أسماه الوثبات الذهنية وإيقاعاتها وحركتها الوثابة للأجيال الجديدة.
ورأى أن الدفاع عن اللغة أصبح فرض عين على الأديب بالتزام نصه بجوهر اللغة وقال: إن أحلامنا واحدة ولغتنا واحدة وبالتالي يصبح على الأديب مهمة إضافية للحفاظ على اللغة باعتبارها من الروابط الباقية بعد التباين السياسي والاقتصادي والتعليمي إذ لم يبق رابط غير اللغة.
من جانبه اعتبر السفير المصري بعمان خالد وفيق ثروت أن الربيع العربي يمثل صفحة جديدة من الحرية والتاريخ بالمنطقة العربية تعطي المواطن المصري بخاصة حقوقه وحريته المسلوبة منذ 30 عاماً.
وقال تعليقاً على وجهة نظر يوسف زيدان: إن الربيع العربي ولادة جديدة للإنسان العربي إذا أحسن استغلال أحداثه التي ستؤدي حتماً لتلاقي الشعوب العربية ورغبتها بالوحدة وليس تباعدها وانقسامها.
وعقب الأمسية الثقافية رأى عميد مكتبة الجامعة الأردنية الدكتور مهند مبيضين الذي أدار الأمسية أن اللغة ليست في خطر بل تمتلك من الحيوية والقدرة على الصمود وتجاوز الأزمة الراهنة بأقل الخسائر، وأضاف إن هناك شواهد تثبت أن لغتنا اشتهرت في حقبة الاستعمار الحديث والمعاصر كما حدث في الجزائر واستمرت رغم النزعات الإقليمية كالفرعونية والفينيقية وتزداد حضوراً مع الانترنت رغم قولهم أن ألوان الكتابة والورق ستنتهي.
من جانبها حمّلت الشاعرة مريم الصيفي بعض الأدباء المسؤولية وقالت: إن أدباء كباراً يتحدثون عن نتاجهم بأجناسه المختلفة باللهجة المحكية “العامية” وأحياناً بالعربية الفصحى ولا يجيدونها هم الذين يجعلون اللغة في خطر.
* مراسل الاتحاد في عمان
( المادة عن الاتحاد الاماراتية )